الجسمانية يتصور على وجوه :
الاول ان يكون القوى كالآلات الخارجية بحيث لم يكن لها سهم فى التأثر بل المتأثر بانطباع الصور والمعانى الجزئية هو النفس كما تتأثر من الصور الكلية بنفسها ، كما ان الآلات الخارجية لا سهم لها فى التأثير وانما هو من الفاعل ، وهذا باطل لما يأتى من امتياز المحل المنطبع فيه الصورة الجزئية المتمايز احد جانبيها عن الاخر.
الثانى ان يكون الانطباع فى القوى أولا ومنها فى النفس ثانيا بان تكون النفس أيضا مدركة فى طول القوى فيكون هنا ادراكان ومدركان كالقدر الّذي يتأثر من النار المجاورة له أولا ثم يتأثر الماء الّذي فيه بواسطته وهذا باطل أيضا لان الوجد ان يشهد بوحدة الادراك والمدرك.
الثالث ان يكون تأثر القوى عين تأثر النفس لاندكاك القوى وانطوائها من حيث الانية فى النفس فان النفس فى وحدتها عقل باعتبار التعقل ووهم باعتبار التوهم وخيال باعتبار التخيل وهكذا احساس وشهوة وغضب الى آخر شئونها فلذا يسند الانسان جميع افعاله وانفعالاته الى شيء واحد وشخص فارد هو المعبر عنه بلفظ انا ، وهذا هو المذهب الحق الّذي عليه المحققون.
هذه احتمالات فى كون القوى واسطة ، وقيل باستقلال كل قوة فى ادراك ما هو مختص بها من دون مداخلة النفس كما انها فى التعقل مستقلة من دون مداخلة القوى وهذا مذهب سخيف لانا نجد فينا حاكما بين المدركات المختلفة من الموهوم والمحسوس بانواعه والمتخيل وغيرها كما يحكم بان المحبة كائنة فى هذا الانسان وان هذا الّذي تخيلته قد ابصرته قبل عشر سنوات وغير ذلك والحاكم لا بدّ ان يحضره الطرفان حتى يحكم بينهما والحضور يستلزم ادراكهما.
وهاهنا احتمال آخر ذكره بعض وهو ان كلا من النفس والقوى فى عرض الاخرى مدركة بالاستقلال وهذا باطل أيضا لما مر فى الاحتمال الثانى.
قوله : هى محال الادراكات ـ يعنى ان المدركات منطبعة فى تلك القوى