خالية عنها فلو لا الاستعداد لما حصلت لها ابدا ، والّذي يعدها للعلوم الضرورية هو احساس المحسوسات بالحواس فان النفس بعد ادراك الجزئيات تحصل لها بسبب التجريد كليات يتركب بعضها مع بعض فتحصل لها ضروريات تصورية وتصديقية ، والّذي يعدها للعلوم النظرية هو هذه الضروريات ، والنظريات لها مراتب بعضها يتقدم على بعض ، ويمتنع ان يكون النفس هى الفاعل المفيض لهذه العلوم لاستحالة كون الشيء الواحد فاعلا وقابلا لما مر فى المسألة السادسة من الفصل الثالث من المقصد الاول ، فاختلفوا فى الفاعل المفيض ، فالحكماء ذهبوا الى انه العقل الفعال كما انه المفيض بمدد الحق تعالى لسائر الافاضات على عالم الكائنات ، والاشاعرة ذهبوا على مبناهم الى انه الله تعالى فان عادته جرت باعطاء العلم عقيب المقدمات ، واما المعتزلة فذهبوا الى ان المقدمات مولدة للنتائج ، هذا فى النظريات واما الضروريات فقال الشارح العلامة رحمهالله ان فاعلها هو الله تعالى بمعنى ان النفس اذا خلقها الله تعالى بحواسها وقواها فلا تحتاج فى حصول تلك الضروريات بعد الاحساس والادراك والالتفات الى المدركات الى شيء آخر.
قول الشارح : والا لم ينفك منه ـ اى ان الفاعل لو اخرج المقبول من القوة الى الفعل لكان واجدا للمقبول وكان المقبول غير منفك عنه فلا يعقل قبوله له اذ القابل لا بدّ ان يكون خاليا من المقبول.
قول الشارح : بين كليات تلك المحسوسات ـ متعلق بالتصديقات اى التصديقات بالنسب الواقعة بين الكليات سلبا او ايجابا.
قوله : فانها مستفادة من النفس ـ اشارة الى مذهب المعتزلة يعنى مستفادة من القياسات التى يركبها النفس بالقوة المتفكرة ، واما نفس النفس فليست فاعلة لها لما مر من انها قابلة.
قوله : او من الله تعالى ـ اشارة الى مذهب الاشاعرة.
قوله : الى المقدمات الضرورية ـ الضروريات اما ذاتية اولية وهى التى مر الكلام فيها ، واما عرضية ثانوية وهى النظريات التى صارت معلومة للنفس بسبب