متوقفا على وجوده بل على وجود شيء آخر.
اقول : هذا عجيب منه كل العجب لانه رحمهالله عبر عن الترديد فى بيان الاستدلال بقوله : هذه الصحة اى صحة مقارنة معقول مع غيره اما ان تتوقف على ثبوت المجرد فى العقل أولا ، ثم اتى بهذه المناقشة على هذا التعبير ، مع انه ليس بصحيح ، بل التعبير الصحيح ان يقال : هذه الصحة اما ان تتوقف على مقارنة معقول مع غيره فى العقل أم لا ، والمراد بالغير هو معقول آخر لا العاقل كما هو صريح فى الكبرى اعنى قوله : وكلما صح ان يكون معقولا وحده صح ان يكون معقولا مع غيره ، اذ لو كان المراد بالغير هو العاقل كما هو منشأ وهمه رحمهالله لصار معنى الكبرى : وكلما صح ان يكون فى العاقل وحده صح ان يكون فى العاقل مع العاقل وهذا ظاهر الفساد لاتحاد المقدم والتالى وعدم فائدته فى الاستدلال ، والحاصل ان هذه المناقشة نشأت من قوله : اما ان تتوقف على ثبوت المجرد فى العقل ، وهو ناقص لبيان المطلب ، والتام ان يقال : اما ان تتوقف على مقارنة مجرد لمجرد فى العقل ، او ما يؤدى معناه.
المسألة الثالثة والعشرون
( فى احكام القدرة )
قول الشارح : ان الجسم من حيث هو غير مؤثر ـ اعلم ان التأثير قد يطلق ويراد به كون الشيء ذا اثر ، وقد يطلق ويراد به كون الشيء محدثا فى غيره اثرا وليس المراد هاهنا المعنى الاول لان الاجسام من حيث هى اجسام ذات آثار واحدة هى المكان والشكل والجهة كما مر تفصيله فى الفصل الاول ، فالمنفى هنا هو التأثير بالمعنى الثانى.
قوله : والا لتساوت الاجسام فى ذلك ـ اى لو كان الجسم من حيث هو هو محدثا فى غيره اثرا لكانت الاجسام كلها متساوية مشتركة فى ذلك الاثر والتالى باطل بالوجدان والبرهان ، اما الوجدان فانا لم نجد للاجسام السماوية والارضية