غناء البراهين اللمية ، ويمكن الوصول الى معرفته تعالى وان لم ينظر الى موجود بالفعل بعد ما فرض امكان وجوده.
قول الشارح : والمتكلمون سلكوا طريقا آخر الخ ـ ان المسالك فى اثبات الصانع ثلاثة.
مسلك الإلهيين ، وهو النظر فى الموجود من حيث هو موجود على ما مر تقريره.
ومسلك المتكلمين وهو النظر فى الموجود من حيث هو حادث ، فيقال : العالم متغير وكل متغير حادث فالعالم حادث ، ثم يقال : وكل حادث له محدث فللعالم محدث ، ومحدث العالم لا يكون حادثا اذ لو كان حادثا يحتاج الى محدث آخر ، وهكذا الى ان ينتهى الى محدث غير حادث دفعا للدور والتسلسل ، وهذا المسلك كما اشار إليه الشارح قاصر عن افادة المطلوب ، ولا يتم الا بان يقال : فان ذلك المحدث الغير الحادث ان كان واجبا فهو المطلوب وان كان ممكنا استلزم الواجب لان غير الحادث لا يمتنع ان يكون قديما ممكنا على طريقة الحكماء ، والقديم الممكن يحتاج الى المؤثر لان علة الحاجة الى المؤثّر هو الامكان فقط عند الحكماء ، نعم مسلكهم يتم على مبناهم من علية الحدوث للحاجة الى المؤثر ، ولكن قد ابطل هذا المبنى فى المسألة التاسعة والعشرين من الفصل الاول من المقصد الاول ، فالحق الاحق بالذكر مسلك الإلهيين المتفق عليه الكل فى مقدماته.
ومسلك الطبيعيين ، وهو النظر فى الموجود من حيث هو جسم ومتحرك يحتاج الى محرك ، فلا بد من الانتهاء الى محرك غير متحرك ، وقد ينظرون فيه من حيث هو مركب يحتاج الى بسيط ، وقد ينظرون فيه من حيث ان الاجسام كلها مشتركة فى الجسمية وكل منها يختص بحقيقة غير الجسمية ولا بد للاختصاص من علة لامتناع الترجح من غير مرجح ، وعلة الترجيح ليست الجسمية المشتركة ولا تلك الخصوصية فهى خارجة عن الاجسام ، ولكن هذا المسلك أيضا لا يتم الا بالتمشى على مسلك الإلهيين كما هو ظاهر.