الفصل الثانى
فى اثبات صفاته تعالى
المسألة الاولى
( فى انه تعالى قادر مختار )
قول الشارح : فى انه تعالى قادر مختار ـ اعلم ان الحكماء والمتكلمين بعد اتفاقهم على انه تعالى قادر اختلفوا فى الايجاب والاختيار ، ولذلك اختلفوا فى تفسير القدرة فى هذا المبحث.
فقال المتكلمون : ان قدرته تعالى هى ان يصح منه ايجاد العالم وتركه ، لا الايجاد واجب ولا الترك ممتنع نظرا إليه تعالى.
وقال الحكماء : ان العالم على النظام الواقع من لوازم ذات الحق تعالى يستحيل ان ينفك عنه لان ذاته كافية فى فعل العالم الّذي هو جوده وفيضه تعالى ، ولا يتوقف على حصول شرط ولا زوال مانع على ما فصل فى كتبهم ، ولذلك لم يرتضوا بالتفسير المتقدم فقالوا : ان قدرته تعالى هى كونه تعالى بحيث ان شاء فعل وان لم يشا لم يفعل.
وتفسير القدرة بمفهوم هاتين الشرطيتين لم ينكره المتكلمون أيضا الا انهم قالوا انه تعالى شاء ففعل ولم يشأ فلم يفعل ، اى لا مقدم الشرطية الاولى واجب صدقه وتحققه ليجب تاليه ، ولا مقدم الثانية ممتنع الصدق ليمتنع تاليه : خلافا للحكماء حيث قالوا : انه واجب الصدق ازلا وابدا لان مشيته ذاتية فتاليه أيضا كذلك ولازم ذلك ان يكون مقدم الثانية ممتنع الصدق وكذلك تاليه.