هذا العالم ، وامتناع انكساف الشمس والقمر من دون حيلولة الارض ، وغير ذلك من الامور التى التزموا عند البحث عنها بامتناعها او وجوبها من حيث صدورها عنه تعالى والقول بذلك حكم بعجزه تعالى عن هذه الامور لان مناط القدرة والاختيار كما قلنا هو امكان الاثر من حيث الصدور ؛ وعلم الفاعل بالاثر وارادته التى هى عين علمه على مذهب الحكماء لا يصحح الاختيار.
فالقول بان الله تعالى قادر بمعنى انه عالم ومريد بالارادة الذاتية لاثره الّذي يجب عنه وجوده ويمتنع عدمه انكار لقدرته وان كان فى ظاهر اللفظ اعترافا بذلك.
وتفسير القدرة بمفهوم الشرطيتين تمويه للامر لئلا يصيبهم رمى التكفير والتلحيد من اهل الملة لان مفهوم القضية من المعقولات الثانية ، ليس بإزائه فى الخارج شيء لينطبق عليه ، والقدرة للواجب او الممكن حقيقة خارجية ، فلا بد ان تفسر بما ينطبق على الحقيقة الخارجية كما ان تفسير المتكلمين أيضا مخدوش من هذه الجهة لان الامكان من الامور الاعتبارية.
وبالجملة ان الفلسفى يقول : ان كل موجود ليس واقعا فى جوف فلك القمر من الافلاك والكواكب والملائكة والعقول المجردة والنفوس الكلية وغيرها يتطاول فى قبال الرب جل وعلا ويقول له : انا وان كنت من حيث الوجود منك وانت اصلى فيه لكنى متحصن فى حصن الوجوب ، قائم فى مقام الأمن من ارادتك لا فنائى وازالتى عن مقامى ، واجد لما تصف نفسك به من ازلية الكون وامتناع الفناء لان فى فنائى فنائك وفى ازالتى عن مقامى زوالك وانت لا بد لك فى شئونك منى ، ولا يستقر امرك دونى تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
تحقيق وتتميم
القدرة هى قوة بها يكون للفاعل سلطان على فعله ايجادا واعداما طبقا لعلمه وهى فيه تعالى عين ذاته ، وفينا كيفية قائمة بالنفس تختلف من حيث ظهور اثرها باختلاف الآلات الداخلية والخارجية ، وقد مر البحث فيها فى الفصل الخامس من المقصد الثانى فى مبحث الكيفيات النفسانية.