لتلك الآيات والاخبار توجيهات لطيفة صحيحة مذكورة فى مظانها ، بها يجمع بين العلم الذاتى والفعلى ، وليس هاهنا مقام التفصيل.
المسألة الثالثة
( فى انه تعالى حي )
قول المصنف : وكل قادر عالم حي ـ هذه كبرى قياس لاثبات كونه تعالى حيا ، صغراه انه تعالى قادر عالم لما مر ، والكبرى ضرورية لظهور ان العلم والقدرة مشروطان بالحياة ، مع ان الاقوام كلهم متفقون فى ثبوت هذه الصفة له تعالى من دون خلاف فى شيء.
قول الشارح : واختلفوا فى تفسيره الخ ـ اى فى مفهوم الحياة وماهيتها للواجب تعالى بعد اتفاقهم على ثبوتها له.
فهى عند الاشاعرة صفة ثبوتية زائدة قائمة بذاته تعالى لاجلها يصح ان يعلم ويقدر ، وعند ابى الحسين البصرى من المعتزلة عبارة عن كونه تعالى لا يستحيل ان يقدر ويعلم ، وعند غير ابى الحسين فظاهر بعضهم كصاحب المواقف والقوشجى موافقة الاشاعرة فى تفسيرها ، وظاهر آخرين كالشارح وصاحب الشوارق موافقة ابى الحسين.
اقول : ان الّذي يظهر من كتب القوم انهم لم يختلفوا فى مفهوم الحياة له تعالى كثبوتها لانهم لما وصفوه بالعلم والقدرة بالاتفاق ووجدوا الميت ممتنع الاتصاف بهما وصفوه تعالى بصحة الاتصاف بهما لمكان العلم والقدرة وفسروا الحياة بهذه الصحة ، ثم ان الاشاعرة لما كان مبناهم زيادة الصفات لم يرتضوا بان يكون مفهوم حياته تعالى هذه الصحة لانها عبارة عن الامكان وهو امر سلبى ، فقالوا : انها صفة ثبوتية زائدة توجب هذه الصحة.
ثم لا يخفى ان هذا المفهوم مشترك بين الواجب والممكن ، اما حقيقة حياته تعالى فغير حياة الحيوان لانها من الكيفيات النفسانية التى مر فى المسألة الخامسة والعشرين