المسألة السابعة عشرة
( فى انه تعالى غنى )
قول المصنف : والحاجة ـ هى فقدان الشيء لما ينبغى له مع امكان تداركه بالغير ، فهى امر عدمى ، والغنى بخلافها ، وقول المصنف فى اوائل النمط السادس من شرح الاشارات : ان الغنى امر سلبى تفسير لقول الشيخ : الغنى التام هو الّذي يكون غير متعلق بشيء خارج عنه فى امور ثلاثة فى ذاته وفى هيئات متمكنة فى ذاته وفى هيئة كمالية اضافية لذاته ، انتهى ، فان عدم التعلق فى هذه الامور بالغير من لوازم الغنى ، لا نفس معناه لان الغنى يتحقق فى الشيء بما عنده من الامور الوجودية ، وقد يطلق الحاجة على ما يحتاج إليه ، ويطلق أيضا على ما الفاعل بصدده لاجل غاية مرادة ، وبهذا المعنى ورد فيما رواه الصدوق فى التوحيد فى الباب الثانى عشر بالاسناد عن خيثمة قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عز وجل : ( كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ) ، قال : دينه ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله وامير المؤمنين عليهالسلام دين الله ووجهه وعينه فى عباده ، ولسانه الّذي ينطق به ، ويده على خلقه ، ونحن وجه الله الّذي يؤتى منه ، لن نزال فى عباده ما دامت لله فيهم رويّة ، قلت : وما الروية ، قال : الحاجة ، فاذا لم يكن لله فيهم حاجة رفعنا إليه وصنع ما احب.
قول الشارح : فان وجوب الوجود يستدعى الخ ـ هذا مضمون قول الحكماء : الواجب الوجود بذاته واجب من جميع جهاته ، فظاهر ان الّذي يجب له بذاته جميع ما امكن له من شئونه لا يحتاج فى شيء الى غيره ، واما توقف اتصافه تعالى بالإضافات على الطرف الآخر مع انها ليست امورا فى الاعيان فلا يضر بغنائه لانها تتوقف على وجود الطرف الآخر ، ووجوده له تعالى فالامر كله يرجع إليه ، فلذا ورد فى الحديث انه خالق اذ لا مخلوق ؛ وذلك بهذا الاعتبار.