قال : دخلت على ابى عبد الله عليهالسلام ، فقال لى : أتنعت الله ، فقلت ، نعم ، قال : هات ، فقلت : هو السميع البصير ، قال : هذه صفة يشترك فيها المخلوقون ، قلت : فكيف ننعته ، فقال : هو نور لا ظلمة فيه وحياة لا موت فيه وعلم لا جهل فيه وحق لا باطل فيه ، فخرجت من عنده وانا اعلم الناس بالتوحيد.
ومن الدليل السمعى أيضا ما ورد عنهم عليهمالسلام من قولهم كثيرا : كمال التوحيد نفى الصفات عنه ،
والعجب العجاب ان العلامة المجلسى رحمهالله مع صراحة هذه الاخبار فى انه تعالى بذاته حقيقة كل من هذه الصفات قال فى اوّل ابواب الصفات من البحار : اعلم ان اكثر اخبار هذا الباب يدل على نفى زيادة الصفات اى على نفى صفات موجودة زائدة على ذاته تعالى ، واما كونها عين ذاته تعالى بمعنى انها تصدق عليها او انها قائمة مقام الصفات الحاصلة فى غيره تعالى ، او انها امور اعتبارية غير موجودة فى الخارج واجبة الثبوت لذاته تعالى فلا نص فيها على شيء منها وان كان الظاهر من بعضها احد المعنيين الاولين ، ولتحقيق الكلام فى ذلك مقام آخر ، انتهى.
اقول : الاحتمال الاول هو المتعين لصراحة الاخبار فيه ، والثانى مذهب المعتزلة وسيأتى ، والثالث مما تضحك به الثواكل وهو مذهب الفخر الرازى خاصة وسيأتي ، وأيضا من العجيب قوله : ولتحقيق الكلام الخ ، فان ذلك الباب مقامه.
الثانى من الدلائل انه تعالى لو لم يكن بذاته علما وقدرة وحياة وغيرها فاما يكون بذاته متقابلات هذه الصفات او يكون ذاته بذاته خالية عن المتقابلين جميعا قابلة معروضة ، وعلى فرض خلو الذات فاما تكون الصفات عارضة او لازمة لزوما خارجيا كالحرارة للنار او ذهنيا كالامكان للماهية ، والتوالى باطلة ، اما الاول فبالضرورة والاجماع ، واما الثانى والثالث فللزوم المادة فى المعروض لان العرض الخارجى سواء كان لازما او غريبا يستدعى مادة يحل فيها ، واما الرابع فللزوم كون كمالاته امورا ذهنية اعتبارية لا حقيقة خارجية ، فهو بذاته تلك الكمالات.
الثالث لو لم يكن بذاته كمالا كائنا ما كان بل كان امرا غير ذاته فى الخارج لا بحسب المفهوم لكان ذاته محدودة بالكمال لكن التالى باطل لان كل محدود