مما بلغك من الاولين قد يكاد يقتضي دورا وذلك لانهم على ما مر لك فى فنون المنطق اذا ارادوا ان يحدوا الممكن اخذوا فى حده اما الضرورى واما المحال ولا وجه لهم غير ذلك فاذا ارادوا ان يحدوا الضرورى اخذوا فى حده اما الممكن واما المحال واذا ارادوا ان يحدوا المحال اخذوا فى حده اما الضرورى واما الممكن ثم قال بعد اتيان امثلة لكل واحد منها : واما كشف الحال فى ذلك فقد مر لك فى انولوطيقا على ان اولى هذه الثلاثة فى ان يتصور أولا هو الواجب وذلك لان الواجب يدل على تاكد الوجود والوجود اعرف من العدم لان الوجود يعرف بذاته والعدم يعرف بوجه ما من الوجوه بالوجود انتهى.
اقول : بوجه العلامة اى بوجه التعريف اللفظى وانولوطيقا اثنان الاول فن القياس والثانى فن البرهان ومعنى قوله والعدم يعرف الخ انه لا يعرف بذاته بل يعرف بانه رفع للوجود فمعرفته يحتاج الى اضافة الى الوجود ان كان مطلقا فمطلق وان كان مقيدا فمقيد.
المسألة الرابعة والعشرون
( فى القسمة الى هذه الثلاثة )
قول الشارح : ان القسمة الحقيقة الخ ـ اعلم ان القسمة الحقيقية قد تطلق على ما يمتنع فيه الخلو والجمع معا فى مقابل ما يمتنع فيه الخلو فقط او الجمع فقط وقد تطلق على ما يقابل الترديد وهى التى يكون المقسم فيها كليا مأخوذا مع قيود متخالفة ليحصل انواع او اقسام او افراد كقولنا الحيوان اما ناطق او غير ناطق اى اما حيوان ناطق او حيوان غير ناطق والانسان اما ذكر او انثى والرجل اما زيد او عمرو او بكر او غيرهم ومقابلها الترديد وهو الّذي لا يجب ان يكون المقسم فيه امرا كليا كذلك بل يردد فى شيء بين امور متخالفة كقولنا زيد اما ابن عمرو او ابن غيره وزيد اما فى البحر واما غير غريق والبعوضة اما يتوالدا ويتولدا ويتكون فى البيض او يتكون من دون شيء منها وحرمة الخمر اما لميعانها او لطعمها او لاسكارها او للونها