اللاحقة مع عدم قبوله للمرتبة السابقة ، بل يلزم بالاول فالاول.
المسألة الثانية عشرة
( فى اللطف وماهيته واحكامه )
قول المصنف : ليحصل الغرض به ـ اى غرضه تعالى من خلق العباد باللطف اعلم ان الغرض من خلق العباد وتكليفهم واحد ، لكنه طولا بمعنى انه تعالى خلقهم ليكلفهم بطاعته وعبادته ، وكلفهم بها ليجعلهم فى معرض الثواب والسعادة الدائمة والرحمة الابدية ، وجعلهم فى معرض ذلك ليحصل لهم ذلك بالاستحقاق ، فحصول السعادة الدائمة غاية للخلق بواسطتين وللتكليف بواسطة واحدة ، فيصح جعل كل من هذه الثلاثة غاية للخلق وغاية لما قبله وللذى قبل ما قبله ، ثم انه اذا لم يعبده قوم ولم يدخلوا فى معرض الثواب لم يبطل الغرض ، ويكون كمن هيأ طعاما لقوم ودعاهم ليأكلوه ، فحضروا ولم يأكله بعضهم مع تلطفه بهم بانحاء الالطاف فانه لا ينسب الى السفه ويصح غرضه فان الاكل موقوف على اختيار المدعو ، وكذلك المسألة فان الله تعالى اذا ازاح علل المكلفين فيما يحتاجون إليه بالقدرة والآلات وارسال الرسل وانزال الكتب ونصب اعلام الهداية والتنبيه على مهالك الغواية والضلالة وامرهم بما يصلح لهم فعله ونهيهم عما يضرهم فعله فمن خالف فقداتى من قبل نفسه لا من قبله سبحانه.
ثم ان اللطف بهذا المعنى اى فعل ما يحصل به غرضه تعالى سواء كان فعله او فعل غيره بامره على ما يأتى تفصيله فى كلام المصنف واجب بلا شبهة وارتياب لان نقض الغرض بترك ماله دخل فى حصوله سفه وقبيح ، واما اللطف بمعنى ما يكون المكلف معه اقرب الى فعل الطاعة وابعد من فعل المعصية فليس بواجب على الله تعالى مطلقا لانه تعالى يقدر ان يلطف بعباده جميعا حتى يكونوا على الطريقة المستقيمة باهلاك ائمة الضلال وتأييد ائمة الهدى ولم يفعل ، نعم يجب منه ما هو مقتضى جوده ورأفته ولم يكن منافيا