المسألة الرابعة عشرة
( فى الاعواض )
قول الشارح : فالنفع جنس الخ ـ ان المعتزلة عرفوا الثواب بالنفع المستحق مع مدح وتعظيم واجلال ، والعوض بالنفع المستحق الخالى عن ذلك ، والتفضل بالنفع الغير المستحق ، ولكن اختلفوا فى نعيم الجنة على ما حكى الاشعرى فى المقالات هل هو ثواب او تفضل ، فقوم قالوا : كل ما فى الجنة ثواب ليس بتفضل وقال آخرون : بل ما فيها تفضل ليس بثواب.
اقول : كل ما اعطى الله تعالى عباده من الوجود وشئونه فى الدنيا او الآخرة تفضل ، ليس للعبد استحقاق بالحق الاصالى لان له ملك الوجود كله ، فلا معنى لحق لغيره بالاصالة ، بل الله تعالى جعل بلطفه وكرمه لهم حقا واجرا وجزاء وعوضا فى قبال الطاعات الاختيارية وغيرها من الآلام والمصائب كما فيما بين العباد من الاعمال والاجور وغيرها من الحقوق ، ووعد بها ويفى بوعده ، بل بكرمه اضعاف ما وعده ، بل لا يمكن ان يكون نعيم الجنة كله ثوابا فانه فضل من الله سبحانه ورحمة لان ثواب الطاعات ولو بلغ ما بلغ من الاعداد المتعذر احصاؤها متناه ونعيم الجنة غير متناه.
قال المفيد رحمهالله فى اوائل المقالات ما ملخصه : ان نعيم اهل الجنة على ضربين : تفضل محض وهو ما يتنعم به الاطفال والبله والبهائم فيها اذ ليس ذلك لهم فى الجنة على التكاليف ، وما هو تفضل من جهة وثواب من اخرى وهو تنعم المكلفين ، وانما كان تفضلا لانهم لو منعوها ما كانوا مظلومين اذ ما سلف لله عندهم من نعمه وفضله واحسانه يوجب عليهم اداء شكره وطاعته وترك معصيته ، واما كونه ثوابا فلان اعمالهم اوجبت فى جود الله وكرمه تنعيمهم واعقبتهم الثواب واثمرته لهم فصار ثوابا من هذه