ثم الظاهر من هذا الحديث ان العدالة فى مرتبة روح الايمان ، والعصمة فى مرتبة روح القدس ، ويفرق بينهما أيضا بان صاحب العصمة يبغض المعاصى والخطايا ويتأذى بوقوعها من غيره كما ينطق به الاخبار واما صاحب العدالة فليس كذلك بل امتناعه فى كثير من الاحوال لخوفه من عقابه تعالى وان حصل لبعض الورعين المتقين كراهة لبعض المنكرات ، وبان صاحب العصمة يمتنع عن الارتكاب مع علمه بتفاصيل العلل والاسرار وصاحب العدالة من المؤمنين يصبر مع عدم علمه بما فى كف نفسه عن المحرمات من الحكم والاسرار ، وبان صاحب العصمة حجة بين الله وبين عباده وصاحب العدالة بالغا ما بلغ ليس بحجة كذلك ، وبان العصمة كالنبوة موهبة من الله عز وجل لا تحصل بالرياضة والاكتساب والعدالة تحصل بذلك ، وبان العصمة لذلك لا تزول والعدالة يمكن زوالها ، وبعروض السهو والخطا وغيرهما لصاحب العدالة دون صاحب العصمة كما يظهر من الحديث المذكور.
ثم ان العصمة فى الملائكة عليهمالسلام ليست من جهة المانع ، بل من جهة عدم المقتضى فى ذواتهم للعصيان والخطاء كما يظهر من الاحاديث.
قول الشارح : اختلف الناس هاهنا الخ ـ اعلم ان ما يفرض صدوره من المعصية عن الأنبياء سلام الله عليهم فهو اما يكون قبل البعثة او مطلقا ، واما يكون سهوا او مطلقا ، واما يكون صغيرة او الاعم منها ، واما يكون فى امر النبوة او مطلقا ، واما يكون فى اعتقاد او عمل او مطلقا ، واما على سبيل التقية او مطلقا ، واما يكون على الاستخفاء او مطلقا ، فالامامية على تنزه النبي وعصمته عن كل ذلك من اوّل الولادة الى آخر العمر ، وكذلك اعتقادهم فى الائمة عليهمالسلام الا ما عن التقية بل تنزهه عن كل ما ينفر عنه ، واما غيرهم فقد اخذ كل فرقة منهم بطرف من هذه التفاصيل.
ثم ان من الآيات ما بظاهره خلاف ذلك فصار متمسكا للخصم ، وهو مع وجود المعارض اوّلوه الى ما يوافق المذهب مشروحا فى كتبهم كتنزيه الأنبياء وغيره وتفاسيرهم.
قول الشارح : ان الغرض من بعثة الخ ـ ان الغرض من بعثتهم سلام الله عليهم