قال اكثر المعتزلة من ان انعدام العالم بحدوث ضد له هو الفناء ، والثالث ما عليه جمهور الاشاعرة وبعض من غيرهم من ان انعدامه بانتفاء شرط لوجوده ، ويأتى بيان ذلك كله واختلافهم فيه.
قول المصنف : والسمع دل عليه ـ اى على العدم ووقوعه على العالم. واما العقل فيحكم باللاوقوع فى غير الكائنات الفاسدات على مسلك الفلاسفة وبالوقوع فيها لاجل التركيب من المتضادات الداعية الى الانحلال والفساد.
ثم ان الادلة السمعية على فناء العالم هى الاجماع والآيات والاخبار.
ومن الآيات قوله تعالى : ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ ) ، وجه الدلالة ان معنى اوليته انه تعالى كان ولم يكن معه شيء ثم خلق الاشياء ، فمعنى آخريته انه يفنى الاشياء فيبقى وحده ليس معه شيء ، كما قال امير المؤمنين عليهالسلام فى النهج فى الخطبة ١٨١ : وان الله سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده لا شيء معه كما كان قبل ابتدائها كذلك يكون بعد فنائها بلا وقت ولا مكان ولا حين ولا زمان ، عدمت عند ذلك الآجال والاوقات وزالت السنون والساعات ، فلا شيء الا الواحد القهار الّذي إليه مصير جميع الامور بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها وبغير امتناع منها كان فناؤها ، ولو قدرت على الامتناع دام بقاؤها.
ومنها قوله تعالى : ( كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ) ، وهذا ظاهر فى العموم ، والهلاك هو الفناء كما فى قوله تعالى : ( كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ ) ، واختصاص الحكم فى هذه الآية بمن فى الارض لا ينافى عموم الآية الاولى.
ومنها قوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) فى مواضع من القرآن ، فان بدء الخلق واعادتها لا يتصوران الا بتوسط فناء بينهما ، ولذا عطفها عليه بثم ،
ومنها قوله تعالى : ( وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) ، ومن اسمائه تعالى الوارث وخير الوارثين ، والميراث فى اللغة هو ما يخلفه احد لاحد ، ومعلوم ان وراثته ليست بالملك الاعتبارى ، ولا الحقيقى أيضا لان له ذلك على كل حال لا بسبب الوراثة ،