فى النشأة الآخرة ، وهى لا تحصل للانسان الا بواسطة البدن ، وغيرها من سائر الادلة.
ثم ان حقيقة الانسان وان كانت هى النفس ، لكنها تكتسى فى كل عالم نزلت بحقيقة ذلك العالم لتتمكن من البقاء فيه والمفاعلات مع ما فيه ، ولهذا شواهد واشارات فى كلمات اصحاب الوحى ، وبهذا الاعتبار لا بأس بان يقال : ان حقيقة الانسان هو المركب من الروح والبدن.
المبحث الثانى
ان القائلين بالمعاد الجسمانى اختلفوا فى ان الّذي يعاد يوم القيامة ويكون منعما او معذبا سواء قلنا بتجرد النفس أم لا ما هو؟
فاقول : ان منهم من يقول : انه غير هذا البدن رأسا بمعنى ان النفس تتعلق لادراكاتها الحسية التلذذية او التألمية بجسم غير مربوط بهذا البدن اصلا ، ومنهم من يقول : ان الّذي يعاد عين هذا البدن الدنيوى ، ومنهم من يقول : انه مثله.
اما القائلون بالغيرية فمنهم من يقول : ان النفس بعد خراب البدن تتعلق فى هذه الدار لا فى دار اخرى ببدن آخر اشرف او اخس أو مساو للبدن الّذي كان لها من قبل ، وهكذا الى ابد الآباد ، والنفس فى كل تعلق مدبرة للبدن فعالة فيه مؤثرة به ، والتفاوت بحسب صور الابدان ، فتارة تنتقل من البدن الانسانى الى بدن طائر او دابة او انسان اجمل او اقبح او انثى او ذكر بحسب اوصافه الروحية التى كانت لها فى البدن السابق ، وهذا مذهب التناسخية لعنهم الله ، ولكن قد قلنا : ان هذا انكار للمعاد راسا وان كانوا مشتركين مع القائلين به فى تعلق النفس ببدن بعد خراب البدن.
ومنهم من يقول : انها تتعلق بعد المفارقة عن البدن الدنيوى بجرم الفلك او الهواء او الدخان حسب اختلافات النفوس لا ان تكون نفسا مدبرة له فعالة فيه مؤثرة به ،