او بدن الغير او غير البدن من سائر الاجسام.
ويرد على هذين المذهبين بعد قطع النظر عن جواز اعادة المعدوم وعدم جوازها ان القول بانتقال الانسان بالاجزاء العنصرية من هذه الدار الى الدار الآخرة ينافى ما نطقت به اخبار كثيرة من انخلاع الانسان عن خواص هذه الاجسام لا سيما اذا نزل فى الجنة الا ان يقال : انها تتحول عن حقيقتها كما يتحول بعض العناصر الى بعض.
ثم ان هؤلاء القائلين بالعينية مع القائلين بالمثلية على ما يأتى اقوالهم المختلفة متفقون على اتحاد الانسان فى الدنيا والآخرة من حيث ظاهره المشهود بحيث اذا رآه احد قال : هذا هو الشخص فى الدنيا كما ورد فى الحديث هذا المضمون ، واما القائلون بالغيرية فمفاد كلامهم ان الظاهر المشهود من الانسان غير ما كان أولا وان كانت النفس هى هى.
واما القائلون بالمثلية فهم ثلاث فرق : الاولى من قال : ان المناط كلّه هو النفس ، والمكلف فى الواقع ليس الا النفس ، والثواب والعقاب والالتذاذ والتألم والادراك والفعل انما هى لها ، والبدن انما هو آلة لها فى ادراكاتها الحسية وافعالها البدنية ، فلا بأس بان تتعلق عند البعث باجزاء غير اجزائها على مثل صورته التى كان فى الدنيا عليها ، ولا يلزم من ذلك ظلم لان الثواب والعقاب لا يرجعان الى الجسم ، وكل جسم تعلقت به النفس فهو بدنها ، وهذا القول يظهر من الغزالى فى مواضع من كتبه ، وهذا أيضا مناف لظواهر الآيات والاخبار.
والفرقة الثانية من قال بعالم المثال ، وهم الاشراقيون والصوفية ، ومجمل البيان فى عالم المثال ان العوالم ثلاثة : العقلى المحض الّذي هو متجرد عن المادة وعن الشكل والمقدار ، والحسى الّذي له المادة والشكل والمقدار ، وعالم المثال الّذي هو متجرد عن المادة لا عن الشكل والمقدار ، وهذا الثالث متوسط بين العالمين ويقال له : المثال الاكبر ، ونظيره المثال الاصغر وهو خيالنا الّذي يتحقق فيه صور الاشياء