ثم ان البدن الّذي تتعلق به الروح عند القيامة ليس جامعا لجميع خصوصياته التى كانت له فى الدنيا من اللون والمقدار والتخطيط وغيرها من الاوصاف والاحوال ، بل هو هو من حيث المجموع كما هو الحال فى سنوات العمر فى الدنيا ، بل تبعثر القبور ويخرجون من اجداث الارض عند رد الارواح الى الابدان وان تفرقت اجزائها فى شرق الارض وغربها على بسيط الارض غير الارض قاعا صفصفا من دون الامت والعوج ممدودة لتسع الاولين والآخرين مع تغير فى الابدان من حيث الاوصاف والاحوال وبقاء اصل الاجزاء لان اجزاء ابدان ذوات الارواح الاصلية كذرات الذهب بين تراب الارض لا تتحلل ولا تختلط ، والله تعالى يجمع بعلمه وقدرته تلك الاجزاء لكل بدن من متفرقات الامكنة من بين سائر الاجزاء الارضية بانزال المطر عليها اربعين صباحا ويجعل فيه روحه ويحيى ويقوم فى عرصات المحشر.
ثم ان اهل العذاب بعد تمام امرهم يعذبون بهذه الابدان فى اجواف الارض ، وهذه مكان النار ، واما اهل الثواب فينزع ما فى صدورهم من غلّ ، وتخلص نفوسهم عن كل رذيلة ان كانت فيها ، وتصفى ابدانهم عن كثافات هذه الموادّ وكدورات هذه العناصر بغسلها بمطهر بعد مطهر حتى تسانخ حقائق الجنان وتناسب دار الكرامة والرضوان ، فينتقلون إليها ، ومكان الجنات على درجاتها ومقاماتها التى لا يحصيها الا هو عنده تعالى ، وفى بعض الاخبار انها فى السماء ، والسماء غير هذه السماء. وفى بعض آخر انها فوق السماوات تحت العرش.
المبحث الثالث
ان للمنكرين للمعاد الجسمانى شبهات أوردها واجيب عنها على ما هو دأب الباحثين.
الاولى المعروفة بشبهة الاكل والماكول وتقريرها على صور : هى ان انسانا او غير انسان لو اكل آخر او بعضه فالاجزاء المأكولة كانت اجزاء لاحدهما ثم صارت اجزاء للآخر ، فان اعيدت