المسألة الخامسة
( فى الثواب والعقاب )
قول المصنف : ويستحق الثواب والمدح الخ ـ اى ويستحق المكلف الثواب والمدح بالطاعة ، والطاعة تتحقق باحد الامور الاربعة : فعل الواجب ، وفعل المندوب ، وفعل ضد القبيح الّذي هو كفّ النفس عن القبيح ، والاخلال بالقبيح الّذي هو ترك القبيح من دون التفات إليه : والجامع بين الاخيرين هو مطلق الترك ، وتحقق الطاعة به احد المذهبين ، والمذهب الآخران الطاعة فى ترك القبيح لا تتحقق الا بكف النفس ، والتارك من دون الكف لا يستحق الثواب والمدح ، بل يظهر من بعض العبارات ان ذلك لا يسمى تركا ، وهذا قول ابى على الجبائى واتباعه ، ويأتى فى كلام الشارح ابطال مذهبه.
ثم ان المراد بالقبيح هاهنا اعم من الحرام فيشمل المكروه ، وان اريد به الحرام فقط فى اوّل الفصل الثالث من المقصد الثالث وفيما يأتى من قوله : وكذا يستحق العقاب الخ ، واما المباح فلا تتحقق الطاعة بفعله ولا بتركه الا ان يأتى به قاصدا لكونه مقدمة لواجب او مندوب او ترك قبيح اذ لا فرق فى استتباع الثواب بين ان يكون الواجب او المندوب او ترك القبيح نفسيا او غيريا كما لا فرق فى ذلك بين التعبدى والتوصلى ، وذلك لان الاستناد إليه تعالى يستتبع ثوابه سواء كان الحاكم به الشرع او العقل ، ولقوله تعالى : ( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ ) الآية.
قول المصنف : بشرط فعل الخ ـ ان الطاعة لا تتحقق بصرف اتيان الواجب او المندوب او ترك القبيح ، بل يشترط بعد ذلك بان يأتى او يترك بداع إلهى ، ولذلك ورد فى الحديث : انه لا عمل الا بالنية ولا نية الا بالسنة ، فالعمل المحفوظ عند الله تعالى المجزى به فاعله يوم القيامة هو الّذي يوافق السنة بان يكون واجبا او مندوبا او ترك