واما الكفر فالمطبوع منه على القلب الّذي علم الله تعالى انه لا ينسلب عنه ابدا فاستحقاق العقاب عليه وعلى القبائح المفعولة حاصل فى الحال اذ لا موجب لتأخير الاستحقاق ، واما الّذي ينسلب عنه فالله تعالى لا يخترمه حتى ينسلب ، واستحقاق العقاب عليه وعلى اعماله لم يتحقق فى الواقع لان نور الايمان الّذي غطى عليه ولما يظهر ويظهر بعد ذلك مانع عن ان يحق عليه العذاب بحسب الواقع وفى علم الله عز وجل ، واما فى الظاهر فالكلام فيه كالكلام فى الايمان الظاهرى.
واما المعصية من المؤمن الّذي ارتضى الله تعالى ايمانه فاستحقاق العذاب عليها حاصل فى الحال لان المعصية علة تامة له ، لكن يزول بطريان الضد لا الضد الّذي يقوله المعتزلة ، بل احد الامور التى تستجلب عفو الله تعالى عنه من نار ندم التوبة او حرقة القلب لمحبة اولياء الله تعالى او مس من العذاب او البلاء فى الدنيا او فى البرزخ او فى القيامة لا فى نار الجحيم الحاطمة ، وللشفاعة شأن عظيم فى هذا الموقف.
هذا ما استنبط من الآيات والاخبار فى هذا الباب ويساعده اعتبار العقل ، وعلى ذلك فالاحباط بمعنى بطلان العمل المستحق عليه الثواب باطل ، والتكفير بمعنى رفع استحقاق العذاب بالمعصية عن المؤمن ببعض الامور التى تستجلب عفو الله تعالى حق.
ان قلت : ما الفرق بين الكافر الّذي يؤمن انه لا يحق عليه العذاب بكفره واعماله والمؤمن العاصى الّذي قلت ان عصيانه علة تامة لاستحقاق العذاب حتى ينتفى بطريان الضد فليكن كفر الكافر علة لاستحقاقه للعذاب وينتفى بايمانه ، قلت : الفرق ان الكافر هكذا شاك فى الحق والشاك ليس عليه شيء لا سيما من كان على سبيل التحقيق والفحص واما المؤمن فهو على يقين من امره فى مخالفة ربه.
المسألة الثامنة
( فى انقطاع عذاب اصحاب الكبائر )
قول المصنف : والكافر مخلد ـ يظهر مما فى دعاء كميل رحمهالله ان التخليد