الذهنية ان طابقت لما فيه فصادقة والا فكاذبة وهذا المعنى انسب وأليق بكلام المصنف رحمهالله حيث قال : باعتبار المطابقة لما فى نفس الامر ولم يقل : باعتبار المطابقة لنفس الامر لان هذه العبارة تفيد ان نفس الامر شيء وما فيها شيء اخر فيستقيم ان يقال : ان النسبة الذهنية مطابقة لما فى نفس الامر بخلاف المعنى الاول فان النسبة الذهنية مطابقة لنفس الامر لا لما فيها اللهم الا ان يراد بنفس الامر جملة النفسيات الواقعية وبما فى نفس الامر النسب النفس الامرية الواقعة فى تلك الجملة ويصير تقدير كلام المصنف : باعتبار مطابقة النسبة الذهنية للنسبة النفس الامرية التى هى فى ضمن جملة النفسيات الواقعية فيستقيم الكلام على المعنى الاول أيضا.
وهاهنا اشكالات :
الاول : ان هذه الكلمة اى نفس الامر لا دلالة لها على العقل الفعال الا على وجه بعيد وهو ان يجعل الامر هاهنا فى مقابلة الخلق ويراد به عالم المجردات والجواب ان اطلاق نفس الامر على العقل الفعال لعله اصطلاح بمناسبة ولا مشاحة فيه او يكون باعتبار ان منه فيضان كل حقيقة فيما دونه او باعتبار انه وعاء نفسيات الاشياء فى مرتبة تقرر ماهياتها.
الثانى : ان المغايرة واجبة بين المطابق والمطابق وحيث ان مناط الصدق والصحة هو المطابقة لما فى نفس الامر ونفس الامر هو العقل الفعال فنفس ما فى العقل الفعال من الاحكام الثابتة فيه يتعذر ان يتصف بالصدق والصحة لعدم تحقق المغايرة المذكورة والجواب ان ما فيه مطابق لما فى علم الله فيتم مناط الصحة والصدق مع ان الاتصاف بالصدق لا يتأتى حيث لا يتأتى الاتصاف بالكذب كعلم الله تعالى لانه الحق المحض.
الثالث : ما اورد الشارح العلامة على المصنف رحمهما الله وهو ان الاحكام الكلية الكاذبة كالصادقة قد تنمحى عن الذهن ثم تعود وقد تنمحى ولا تعود والاول هو السهو لها والثانى هو النسيان لها وقال الحكماء : ان سر العود فى صورة السهو ان العقل الفعال خزانة للنفس الناطقة يعيد الاحكام الكلية إليها بشرط بقاء استعدادها لها فاذا كان