العقل الأوّل ، وامّا القضايا الأربع الباقية فكلها ثانوية وبعدية ، ولا يمكن أن تكون قبلية ، فإنّ أوضح تلك القضايا الأربع هو المحسوسات ( وتتوقف الثلاثة الاخرى عليها أيضاً بحيث إذا ثبت عدم أولية المحسوسات ثبت ذلك في الثلاثة الاخرى لا محالة ) لا تكون أولية بل مستنتجة ـ والبحث عن المحسوس الخارجي الموضوعي لا الذهني الوجداني كالاحساس بالألم أو بالادراك نفسه مما يسمّى بالعلم الحضوري ـ وقد كانت هناك ثلاث نظريات سابقاً في اثبات حقانية المحسوسات ومطابقتها للواقع.
١ ـ دعوى بداهتها وأوليّتها ، وقد ناقش فيه جمع كالعلاّمة الطباطبائي بأنّها لو كانت بديهية لم يكن يقع فيها الخطأ.
٢ ـ دعوى بداهة أصل الواقع الموضوعي في الخارج على نحو الاجمال دون التفاصيل ، وهذا ما اختاره الطباطبائي.
٣ ـ دعوى اثبات ذلك بقانون العلية ، وهذا ما سلكناه في فلسفتنا وهو غير تام ، لأنّ هذا القانون يثبت وجود علة لاحساساتنا ، وامّا انها الواقع الموضوعي الخارجي أو حركة جوهرية ذاتيّة داخل نفوسنا فهو لا يتشخص بكبرى العلية.
والصحيح ما أثبتناه في مبحث الاستقراء من أنّ اثبات الواقع الموضوعي للمحسوسات إنّما يكون على أساس منهج المنطق الاستقرائي الذي سوف يأتي شرحه في الكلام الثاني ، وعلى هذا تكون هذه القضايا الأربع كلها بعدية لا قبلية ، ولكن تثبت بمنهج المنطق والاستدلال الاستقرائي لا القياسي ، والذي اصطلحنا عليه بالعقل الثالث في قبال العقل الأوّل والثاني.
وأمّا الكلام الثاني : فهو يتعلّق بما ذكره المنطق الأرسطي من حقانية المعارف