الوجه الثاني : ما ذكره الميرزا من انّ المجعول في الامارات والاصول المحرزة هو الطريقية والعلمية لا المنجزية فإنّها بحكم العقل ولا يمكن جعلها والطريقية حكم وضعي فلا يضاد أو يماثل الحكم التكليفي الواقعي.
والجواب : انّ هذا تأثر بعالم الصياغات وغفلة عن روح الحكم ولبه كما ذكر في الكتاب ، وحاصله : انّ الحكم الوضعي المذكور إذا لم يكن مستلزماً لحكم تكليفي مولوي ولو بلحاظ المبادئ أي الارادة والكراهة بل كان مجرد اعتبار وضعي محض فهو لغو فلا يقع موضوعاً لحكم العقل أصلاً ، وإن كان مستتبعاً لطلب موقف عملي من المكلف لزم محذور التضاد أو التماثل ما لم يرجع إلى جواب آخر.
ومثل هذين الوجهين كل وجه يحاول دفع هذا المحذور بفرض أنّ الحكم الظاهري ليس تكليفاً بل امّا يكون حكماً وضعياً أو يكون ارشاداً إلى الأقربية للواقع أو غير ذلك من الصياغات والألسنة فإنّه إن اريد من الارشادية وعدم المولوية مجرد الاخبار والكشف عن غلبة المطابقة للواقع فهذا لا أثر له كما هو واضح ، وإن كان يستتبع جعل الحجّية أو المنجزية والمعذرية ولو بلسان الامضاء لا التأسيس لزم التضاد أو التماثل المحال.
الوجه الثالث : ما يظهر من الميرزا قدسسره في الحكم الظاهري المجعول في الاصول غير المحرزة كأصالة الاحتياط أو البراءة أو الاباحة أو الطهارة من أنّ الحكم المذكور وإن كان مولوياً وتكليفياً ولكنه حيث انّه طريقي وليس نفسياً ، فإن صادف الواقع فلا محذور فيه أصلاً إذ لا تعدد في الحكم ليلزم التضاد أو التماثل بل هناك حكم واحد وهو الواقع ناشىء من ملاك واحد وإنّما التعدد في الانشاء والابراز حيث ابرز تارة بعنوانه الواقعي واخرى بلسان ايجاب الاحتياط