أو البراءة وإن لم يصادف الواقع فلا حكم حقيقي بايجاب الاحتياط أو الاباحة بل حكم طريقي لا مبادئ له ليلزم المحذور ، وامّا الانشاء والابراز فلا تضاد بلحاظه بين الأحكام.
وإن شئت قلت : انّ التضاد والتمانع إنّما يكون بين الأحكام التكليفية من سنخ واحد ، وامّا إذا كان أحدهما نفسياً والآخر طريقياً فلا تمانع بينهما (١).
وفيه : انّ البحث في كيفية عدم المنافاة بين الحكم الطريقي والواقعي مع كونهما معاً تكليفيين فإن كان وجهه أنّ الحكم الظاهري مجرد انشاء فارغ عن المبادئ فكيف يكون مثل هذا الانشاء موضوعاً لحكم العقل بالاطاعة والمنجزية أو المعذرية إذا فرض انّه مجرد انشاء أجوف بلا مبادئ ، فإنّ العقل لا يرى كفاية مجرد الانشاء الأجوف للاطاعة كما تقدم في ردّ الوجه الأوّل والثاني.
وما ذكره المحقق العراقي من انّه بيان للواقع على تقدير المصادفة وعذر على تقدير المخالفة تقدم في مباحث القطع ردّه.
وإن كان للحكم المذكور مبادي بمعنى الارادة والكراهة التي هي روح الحكم لزم محذور التضاد والتمانع لا محالة بين مباديه ومبادئ الحكم الواقعي.
اللهم إلاّ أن يفرض له سنخ مبادي تجتمع مع المبادي للحكم الواقعي بل متوقفة عليها ، وهذا ما يحتاج إلى بيان غير موجود في هذا الوجه ، ولو تمّ كان هو الجواب على الحكم الظاهري المجعول في الامارات والاصول المحرزة
__________________
(١) وهذا ظاهر المحقق العراقي أيضاً في تقريراته.