ثمّ انّ الأولى أن يبحث عن الحديثين : « الميسور لا يسقط أو لا يترك بالمعسور » و « ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه » معاً ؛ لأنّ نكات الدلالة فيه واحدة ، فنقول :
المراد بالميسور والمعسور هو المقدور والمتعذر ولو عرفاً ، وما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه معناه انّ ما لا يدرك مجموعه لا يترك جميعه ، وهذا معنى ارادة العموم المجموعي من صدره والاستغراقي من ذيله. ففقرات الحديثين من هذه الناحية واضحة.
وإنّما البحث في فقرتي « لا يسقط ولا يترك » من حيث كونهما نهياً أو نفياً في مقام النهي أو نفياً اخبارياً دالاًّ بالملازمة على الأمر بالباقي.
وأمّا احتمال كونهما على وزان « لا ربا ... ولا صلاة لمن جاره ... » فهو غير محتمل ؛ لأنّ ذلك يناسب نفي موضوع أو متعلق الحكم ، والسقوط ليس موضوعاً ولا متعلقاً للحكم ، بل هو ملازمه أو انتزاع عقلي ، حيث انّ الأمر إذا كان متعلقاً بالباقي فلا سقوط واقعاً ، وإلاّ فالباقي ساقط عن عهدة المكلف.
نعم ، لو اريد عدم سقوط نفس الأمر الأوّل فهو غير ممكن حقيقة ، فيمكن أن يكون ادعائياً استطراقاً وكناية عن تعلّق أمر آخر به وأصل مطلوبيّته ، إلاّ أنّ الظاهر هو السقوط عن العهدة أو أصل المطلوبية لا الأمر الضمني الأوّل.
ولهذا يكون نفي السقوط أو نفي الترك ينظر فيه إلى عالم التشريع لا التكوين ؛ لأنّ الساقط هو الحكم والوجوب الذي هو تشريع وكذلك المراد عدم الترك في