ويرد على المطلب الثاني : ما في الكتاب من الاشكالين على الميرزا. إلاّ أنّ الاشكالين واردان على تعبير الميرزا لا حاقّ مطلبه فإنّه يقصد أنّ العقوبة ـ بناءً على عدم قبح التجرّي وعدم استحقاق العقاب عليه واختصاصه بالمعصية ـ إنّما يكون موضوعه وموجبه مركباً من جزئين مخالفة التكليف والملاك النفسي للمولى مع عدم وجود مؤمّن شرعي أو عقلي أي التكليف النفسي المنجّز ، امّا وصوله بنفسه أو بحكم طريقي شرعي فليس شرطاً ، وهذا واضح. وتعبيرات الميرزا الاخرى تشهد على ارادته ما ذكرناه.
الجهة الثانية : بناءً على انّ العقاب يكون على المعصية لا التجرّي ـ كما هو مبنى الميرزا قدسسره ـ يقع البحث في أنّ المخالفة للواقع إذا اقتحم الشبهة قبل الفحص هل توجب استحقاق العقاب حتى إذا لم يكن حجة على الالزام في معرض الوصول إذا كان يفحص بل حتى مع وجود حجة وأمارة على عدم الالزام أو يختصّ العقاب بما إذا كان حجة على الالزام في معرض الوصول يصل إليه إذا كان يفحص عنه أو يثبت العقاب إذا خالف أحدها من الواقع أو الطريق الذي كان يصل إليه إذا فحص؟
اختار الميرزا النائيني قدسسره في فوائد الاصول الأوّل ، أي انّ الأقوى استحقاق العقوبة على مخالفة الواقع سواء وافق عمله الطريق أم لا أو لم يكن طريق مخالف أو موافق وعدم استحقاق العقوبة على مخالفة الطريق إذا لم يخالف الواقع.
أمّا الأخير فلأنّ المفروض انّ الطريق حكم طريقي لمحض الكاشفية وهو لا يوجب تقييد الواقع وصرفه إلى مؤداه كما انّه لا ملاك نفسي فيه لتكون مخالفته معصية ، وهذا واضح.