وثانياً ـ انّ لسان احراز الامتثال مجرد تعبير عن الاحتياط في موارد الشك في تحقق الامتثال خارجاً وعدمه حيث يكون الشك في الامتثال فيقال لابد من الاحتياط بحكم العقل والذي لا يكون إلاّباحراز الامتثال مثلاً ، وامّا في موارد تردد التكليف بين متعلقين كما في العلم الإجمالي فالشك فيه ليس في تحقق الامتثال وعدمه بل في متعلق التكليف وما يكون لازماً امتثاله عقلاً وانّه الظهر مثلاً أو الجمعة ويكون الاحتياط اللازم فيه عقلاً كلا الامتثالين.
ومن الواضح انّه في مثل هذا يكتفي العقل في مقام الخروج عن عهدة الحكم المردّد بين حكمين بالاتيان بأحدهما ، والتأمين الشرعي عن الآخر ولا يحكم العقل بلزوم احراز عنوان الامتثال لما هو المتعلق الواقعي للتكليف المعلوم بالاجمال ، والذي هو عنوان انتزاعي عقلي ، وإنّما يحكم بلزوم الخروج عن عهدة واقع كل من التكليفين المحتملين الذين يعلم بأنّ أحدهما ثابت ، وهذا يقوم به الأصل النافي في أحد الطرفين ، ففرق بين الاحتياط في المقام وبين الاحتياط في موارد الشك في الامتثال فتدبر جيداً.
وثالثاً ـ انّ ما ذكره المحقق العراقي لا يوجب علّية العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية وعدم جريان الأصل الواحد في طرف العلم الإجمالي مطلقاً ، بل في خصوص ما إذا كان لسان الأصل المؤمن الواحد لسان نفي التكليف ، وامّا إذا كان لسانه احراز الامتثال فلا بأس بجريانه ؛ لتحقق احراز الامتثال التعبدي عندئذٍ ، كما إذا علم اجمالاً بتركه للسجدة الواحدة في الركعة الاولى أو في هذه الركعة ، وهو بعد لم يتجاوز محل السجود الثاني فيها ، أو إذا علم اجمالاً امّا يكون محدثاً أو يكون قد تنجّس بدنه أو ثوبه مثلاً ، فإنّ أصالة الطهارة تجري وتحرز الامتثال ، والطرف الآخر وهو الشك في الوضوء مجرى لقاعدة