( مراجعة للبحث ) :
ينبغي التفكيك بين مشكلة الافتاء التي أثارها السيد الشهيد قدسسره ومشكلة التعارض : ويقال في جواب شبهة التعارض : بأنّ المعيار والميزان في تنجز الحكم شمول المجعول والمراد بالعرض للمكلف وللموضوع ، فلو أحرز الموضوع وأحرز الجعل ولكن لم يحرز انطباقه على الموضوع المحرز أو على المكلف لم يكن منجزاً ، سواء قلنا بأنّ للمجعول وجوداً فعلياً في الخارج أم لا.
وهذا يعني انّه لابد من لحاظ المجعول بالجعل بالحمل الأولي وتطبيق دليل الاستصحاب عليه. وبهذا النظر واللحاظ يكون للمجعول حدوث وبقاء.
وبتعبير آخر : ما يحكم العقل بمنجزيته إنّما هو الارادة أو الجعل الذي يكون مجعوله منطبقاً على المكلّف أو على الموضوع الخارجي ، وحيث انّ انطباق الجعل على المكلّف أو الموضوع لابدّ فيه من النظر إلى الجعل بالحمل الأولي أي إلى القضية المجعولة المتعلق بها الارادة ، فيكون لا محالة هناك شك في البقاء ؛ لثبوت الانطباق حدوثاً والشك في سعته بقاءً ، فهذا هو مركب الاستصحاب ، ومقتضى إطلاق دليله ، لا لأنّ العرف لا يفهم الجعل بما هو انشاء ولا يراه دائراً بين الأقل والأكثر حدوثاً ، بل لأنّ ما هو ملاك التنجيز هو انطباق الجعل على موضوعه والذي لا يعقل إلاّبالنظر إلى مجعوله ومتعلقه ، وبالنظر إليه يكون الشك في البقاء فيجري استصحاب الحكم.
واستصحاب عدم الجعل لو اريد به نفي انطباق المجعول عليه فمن الواضح أنّه أصل مثبت ، وإن اريد به نفي الجعل بما هو جعل من دون النظر إلى مجعوله فهو ليس موضوعاً للتنجيز ـ ولعلّ هذا هو حاق مقصود الميرزا قدسسره ـ.