في الطرفين. نعم ، لو فرضنا انّ إطلاق دليل الاستصحاب للأثرين الطريقي والموضوعي إطلاق واحد لا اطلاقان ، وفرضنا عدم قيام الاستصحابين مقام القطع الموضوعي مع العلم بكذب أحدهما ، لم يكن الاستصحاب حجة في اثبات الأثر الطريقي للماء أيضاً ، إلاّ أنّ هذا لا موجب له بعد فرض تغاير الأثرين ووجود اطلاقين في دليل الاستصحاب بلحاظهما.
وحاصل الجواب : انّ هناك حكماً آخر غير حرمة اسناد ما لا يعلم انّه من الدين ، والتي تثبت حتى إذا كان ما اسند من الدين واقعاً ، ولكن لا يعلم به المكلّف ، وذلك الحكم هو حرمة الكذب الثابتة بأدلّة كثيرة مطلقة ، وفي خصوص الافتراء على الشريعة أيضاً ، وموضوعه اسناد ما لا يكون مطابقاً للواقع لا ما لا يعلم ؛ إذ مفهوم الكذب ذلك ، وهذا يعني انّ موضوعه أمر واقعي ، والاستصحاب مثبت أو نافٍ له بلحاظ قيامه مقام القطع الطريقي لا الموضوعي ، وفي المقام يعلم اجمالاً امّا بأنّ عدم الطهارة مخالف للواقع فيحرم الافتاء به ، أو عدم النجاسة مخالف للواقع فيلزم الافتاء به ، كما يحرم مساورة الماء بعد زوال التغيّر ، وهذا علم اجمالي بتكليف في طرف أو تكليفين في طرف آخر واستصحاب عدم جعل الطهارة يرخص في التكليف الأوّل واستصحاب عدم جعل النجاسة يرخص في التكليفين فيكون ترخيصاً في المخالفة القطعية ، ومنه يظهر انّ جريان استصحاب عدم الطهارة ليس مبنياً على قيام الاستصحاب مقام القطع الموضوعي ؛ لأنّ هذا الأثر ـ أعني نفي حرمة الكذب ـ طريقي.
نعم ، جواز الاسناد قد يتوقف على نفي حرمة التشريع أيضاً والذي يبتني على قيام الاستصحاب مقام القطع الموضوعي ، إلاّ انّه بالنسبة للمعارضة يكفي نفي حرمة الكذب به للزوم الترخيص في المخالفة القطعية سواء كانت الحرمة