ناقش الشهيد الصدر قدسسره في الثاني منها مناقشة دقّية تامة لولا دعوى عرفية بأنّ العرف يرى الحكومة هنا أيضاً بلحاظ مجموع الأصلين الترخيصيين في الطرفين معاً فيقع التعارض بين الأصلين في كل طرف معيّناً كما في سائر موارد العلم الإجمالي. والجواب الثالث منها مبني على تحقق الدلالة الالتزامية على الالزام في كلّ طرف مشروطاً بعدمه في الطرف الآخر فيتشكل علم إجمالي بوجود حكم الزامي معيّن إمّا واقعي أو ظاهري أمارتي في أحد الطرفين ، وهو رافع لموضوع الأصل الترخيصي بالتخصيص أو بالحكومة ـ على مباني القوم ـ فيكون هذا جواباً غير الأوّل.
وأمّا ما هو ظاهر الكتاب من انّ نسبة هذا الحكم الإجمالي إلى الأصلين في الطرفين نسبة المعلوم بالإجمال الواقعي فهذا غير صحيح ؛ لأنّ الحكم الظاهري المذكور لولا تقدّمه على الأصل في الطرفين كان في عرضهما ومعارضاً معهما ، فلا يتشكّل علم إجمالي بالزام واقعي أو ظاهري ، بل شك في الالزام الواقعي ، والذي يكون مجرى البراءة العقلية ، بل والشرعية الطولية.
ولعلّ المقصود من العبارة أنّ الحكم الالزامي المذكور حيث انّه لا يرتفع بالاصول الترخيصية في الطرفين ؛ لأنّه إمّا واقعي لا يرتفع بالظاهري ، أو ظاهري حاكم على الحكم الظاهري الثابت بالأصل العملي ، فتكون نسبته إلى الأصلين الترخيصيين في الطرفين كنسبة الحكم الواقعي الالزامي من حيث رجوع التعارض إلى الأصلين في الطرفين في النتيجة وتساقطهما ، وتنجيز العلم الإجمالي المذكور ، وهذا صحيح.
ثمّ انّ هنا فرعاً ينبغي طرحه وهو ما إذا علمنا إجمالاً بنجاسة أحد الطرفين