عند الصباح مثلاً وعند الظهر احتملنا تطهيره فاستصحبنا نجاسته إجمالاً ، فهنا هل يحكم بتقديم هذا الاستصحاب ـ وهو حجّة إجمالية على الالزام ـ على البراءة أو الطهارة في الطرفين معاً فيقع التعارض بينهما في كل من الطرفين تعييناً ثمّ التساقط فيكون من العلم الإجمالي التعبدي أو العلم بالحكم الظاهري الالزامي؟ وهل يحكم بذلك أيضاً بلحاظ استصحاب الطهارة في كل من الطرفين لو كان لهما حالة سابقة كذلك مع أنّهما في عرض استصحاب النجاسة المعلومة بالإجمال؟ أو يحكم بالتساقط بين الاستصحابات الثلاثة والرجوع إلى أصالة الطهارة والبراءة في الطرفين؟
وينبغي البحث في ثلاث جهات :
الاولى : انّ هذا الاستصحاب الإجمالي هل هو علم إجمالي تعبدي على الالزام الواقعي ، أو علم وجداني بالتعبد والحكم الظاهري الالزامي الإجمالي؟
والصحيح في هذه الجهة التفصيل بين مبنيين في ما هو المجعول في دليل الاستصحاب ، فإنّه إذا قيل بأنّ الاستصحاب تعبد ببقاء اليقين السابق ـ كما هو ظاهر صحيحة زرارة من أدلّة الاستصحاب على ما سيأتي في محلّه ـ كان مقتضى إطلاق دليله للمقام هو التعبد ببقاء نفس العلم واليقين الإجمالي السابق ، فيكون من العلم الإجمالي التعبدي بالواقع ، وهو كالعلم الإجمالي الوجداني في الحجّية ، وإذا قيل بأنّ الاستصحاب تعبد ببقاء المتيقن السابق ـ كما هو ظاهر بعض الأدلّة الاخرى على الاستصحاب ـ كان مقتضى إطلاق دليله للمقام هو التعبد ببقاء الحالة السابقة ، فيكون من العلم الوجداني بالحكم الظاهري الالزامي الإجمالي ، وهو كالعلم الإجمالي الوجداني بالحكم الالزامي الواقعي في الحجّية.