والشرطيّة ، بل هي كالأمارات واردة على الموضوع وتوجد فردا حقيقيّا من الموضوع (١).
__________________
(١) والوجه في بطلان الحكومة أنّها إنّما تتصوّر بين دليلين عرضيّين لكي يكون أحدهما ناظرا إلى الآخر ، حيث إنّ إحراز النظر في الحكومة شرط لجريانها ، وأمّا إذا كان بين الدليلين مرتبة طوليّة فلا يكون أحدهما ناظرا إلى الآخر ؛ لاختلاف الرتبة بينهما.
وهنا الحكم الواقعي سابق رتبة ومتقدّم عن الحكم الظاهري ، فالمرتبة بينهما طوليّة لا عرضيّة ، ولذلك لا نظر بينهما ؛ لأنّ لسان الحكم الظاهري كأصالة الطهارة مثلا لا يمكن أن يكون موجدا لأكثر من أصالة الطهارة بمعنى كون دليل أصالة الطهارة لسانه إنشاء أصالة الطهارة وجعلها ، ولا يمكن أن يكون ناظرا إلى كونها حاكمة على موضوع الطهارة الواقعيّة ؛ لأنّ اعتبارها حاكمة فرع ثبوتها أوّلا ثمّ تكون حاكمة ثانيا ؛ لأنّ الحكومة صفة وجوديّة لها والصفات الوجوديّة تفترض مسبقا تحقّق الموضوع أوّلا ، والمفروض هنا أنّ أصالة الطهارة لم تثبت إلا بهذا الدليل الذي يراد ادّعاء كونه ناظرا إلى أنّها حاكمة.
وبتعبير آخر أنّ هذا الدليل إمّا أن يثبت أصالة الطهارة أو يثبت كونها حاكمة ، وأمّا كونه مثبتا للأمرين معا فهو غير ممكن لاستلزام ذلك تعدّد النظر في اللسان الواحد مع اختلاف الرتبة بين المنظورين والمفادين.
مضافا إلى أنّ تعبير صاحب ( الكفاية ) بالحكومة ليس صحيحا ؛ لأنّ التطبيق الذي ذكره هو نفسه الورود فيكون تعبيره اللفظي بالحكومة ، ولكن المضمون والمحتوى هو الورود. ويدلّ على ذلك : أنّ الحكومة عنده هي الحكومة اللفظيّة التفسيريّة بإحدى الكلمات الدالّة على التفسير ( أعني ، أقصد ، أريد ) الدالّة على تفسير المراد من الكلام السابق.
فما ذكره من مثال إنّما هو تطبيق صحيح للورود لا الحكومة عنده فتكون هذه الأصول مفادها الورود كالأمارات ، وحينئذ لا فرق بين الأمارات وبين الأصول من حيث الإجراء وعدمه. فإمّا أن يلتزم بالإجزاء فيهما معا ؛ لأنّ النكتة واحدة وهي الورود ، وإمّا ألاّ يلتزم بذلك فيهما أيضا.
والصحيح : هو كون الأمارات والأصول جميعا غير موجبة للإجزاء في الفرض المذكور ، بل تجب الإعادة لو انكشف الخلاف في الأثناء ؛ لأنّ هذا النحو من الإجزاء يؤدّي إلى القول بالتصويب بنحو من أنحائه ولو بدرجة خفيفة ، وقد تقدّم أنّ التصويب باطل بكل معانيه ، والصحيح هو القول بالتخطئة.