إنسان لإخبار شخص بوفاته وكان ميّتا حقّا غير أنّ هذا الشخص كانت نسبة الصدق في إخباراته عموما بدرجة سبعين في المائة ، فقطع المكلّف مصيب بالمعنى الأوّل ، ولكنّه غير مصيب بالمعنى الثاني ؛ لأنّ درجة التصديق بوفاة ذلك الإنسان يجب أن تتناسب مع نسبة الصدق في مجموع أخباره.
والنسبة بين هذين المعنيين من الإصابة هي العموم والخصوص من وجه ، ولذلك يمكن اجتماعهما في مورد ويفترقان في مورد آخر. فقد يتحقّق المعنى الأوّل من الإصابة بأن يكون قطعه مصيبا للواقع ، بأن كان ما قطع به ثابتا واقعا. ولا يتحقّق المعنى الثاني من الإصابة بأن لا يكون قطعه مصيبا للمبرّرات الموضوعيّة والمنطقيّة.
فمثلا لو أنّ شخصا أخبره بوفاة زيد وكان زيد ميّتا واقعا فقطع بوفاته استنادا إلى إخباره ، إلا أنّ هذا المخبر نفترض أنّ درجة الصدق في مجموع إخباراته لا توجب القطع ، بل توجب الظنّ فقط كنسبة سبعين في المائة. فهنا يطلق على هذا القاطع أنّه مصيب في قطعه بالمعنى الأوّل ؛ لأنّ ما قطع به ثابت واقعا فقطعه مطابق للواقع فهو مصيب ، ولكنّه لا يطلق عليه أنّه مصيب في قطعه بالمعنى الثاني ؛ لأنّ المبرّرات الموضوعيّة والمنطقيّة لم تكن متوفّرة لحصول القطع. وإنّما هذه المبرّرات توجب حصول الظنّ فقط ، فكان المناسب أن يظنّ بالوفاة لا أن يقطع بها ، لأنّ درجة الصدق من هذا الخبر لم تتناسب مع المبرّرات الموضوعيّة ، فلم يكن مصيبا في قطعه بلحاظ هذه المبرّرات والضوابط. نعم ، لو ظنّ بالوفاة في الفرض المذكور لكان مصيبا بالمعنى الثاني أيضا فيكون ظنّه مصيبا بالمعنى الأوّل ؛ لمطابقته للواقع ، ومصيبا بالمعنى الثاني ؛ للتناسب بين درجة التصديق هذه وبين المبرّرات الموضوعيّة (١).
__________________
(١) وقد يتحقّق المعنى الثاني من الإصابة دون الأوّل. فلو أنّ شخصا أخبر بوفاة زيد وكان مجموع إخباراته عموما تفيد الظنّ ، فظنّ هذا الشخص بالوفاة فهو مصيب في ظنّه بالمعنى الثاني ؛ للتناسب بين المبرّرات الموضوعيّة وبين درجة التصديق. فإذا لم يكن زيد ميّتا ، بل كان حيّا فهو غير مصيب بالمعنى الأوّل ؛ لعدم مطابقة ظنّه للواقع.
وقد يفرض القطع هنا بأن كان إخبار هذا الشخص يوجب القطع إلا أنّه لم يكن ميّتا واقعا ، ولكنّه مجرّد فرض ولعلّه غير صحيح ؛ لأنّ القطع معناه الإراءة التامّة عن الواقع فكيف لا يكون مقطوعه ثابتا. نعم يمكن ذلك في حالات الجهل المركّب والتي هي ليست من العلم في شيء.