لكنّها في الحقيقة مساوية للملزوم ؛ وذلك لأنّ الأمارة لا تخبر عن النجاسة مطلقا بوجودها السعي المنتشر ، وإنّما تخبر عن حصّة خاصّة من النجاسة وهي الحصّة المقارنة مع الملزوم ، أي عن النجاسة الحاصلة من وقوع قطرة البول لا عن النجاسة مطلقا وبأي سبب آخر. وهذا يعني أنّ الدلالة الالتزاميّة هي التي تقع طرفا في الملازمة ـ حيث إنّ الملازمة تتألّف من اللازم والملزوم والعلاقة بينهما ، فالملزوم هو المدلول المطابقي واللازم هو المدلول الالتزامي والعلاقة هي الملازمة بينهما ولا تقع طرفا بما هي لازم أعمّ ، بل بما هي حصّة من اللازم وهي الحصّة المقارنة للملزوم. ولذلك فهناك مساواة بين وقوع قطرة البول وبين النجاسة ثبوتا ، وكذلك بينهما مساواة في الحجّيّة أيضا. فإذا علم بعدم حجّيّة المدلول المطابقي لخطأ الأمارة مثلا أو لوجود المعارض لها فإنّه يعلم أيضا بعدم حجّيّة المدلول الالتزامي أيضا ؛ لأنّه مساو دائما والمتساويان يثبتان معا ويرتفعان معا ، ولا معنى للتفكيك بينهما. فإذا سقطت هذه الحصّة من اللازم المقارنة للملزوم دائما لم يبق هناك ما يدلّ على بقاء اللازم وحجّيّته ، بل يحتاج ذلك إلى دليل خاصّ يدلّ عليه ؛ لأنّ الأمارة لا تدلّ على ثبوت اللازم مطلقا ومن جميع الحيثيّات ، بل من هذه الحيثيّة فقط ، فإذا انتفت هذه الحيثيّة انتفى اللازم وثبوته يحتاج إلى حيثيّة أخرى.
ونلاحظ على هذا الوجه : أنّ المدلول الالتزامي هو طرف الملازمة ، فإن كان طرف الملازمة هو الحصّة كانت هي المدلول الالتزامي ، وإن كان طرفها الطبيعي وكانت مقارنته للملزوم المحصّصة له من شئون الملازمة وتفرعاتها كان المدلول الالتزامي ذات الطبيعي.
الملازمة مؤلّفة من طرفين اللازم والملزوم والعلاقة بينهما تسمّى بالملازمة ، وفي مقام بحثنا نقول : إنّ الملزوم هو المدلول المطابقي الذي هو مؤدّى الأمارة ، واللازم هو المدلول الالتزامي لهذا المؤدّى والمفاد.
وتفريع اللازم على الملزوم والعلاقة بين المدلول المطابقي والالتزامي تسمّى بالملازمة.
ثمّ إنّ هذا المدلول الالتزامي الذي يقع طرفا في الملازمة على قسمين :
الأوّل : ما كان له تحقّق وثبوت قبل طروء الملازمة بين اللازم والملزوم ، بمعنى أنّ طرف الملازمة كان هو الحصّة الخاصّة التي لها وجود مستقلّ قبل هذه الملازمة ،