فهو ذات عدم أحد الأضداد كالسواد مثلا. فنقول : إنّ ثبوت الصفرة للورقة يلازمه عدم سوادها مثلا على أساس حكم العقل باستحالة اجتماع الضدّين ، فالمدلول الالتزامي هو عدم السواد مطلقا وليس عدم حصّة معيّنة من عدم السواد والتي هي الحصّة المقارنة مع صفرة الورقة.
والوجه في أنّ المدلول الالتزامي لصفرة الورقة هو ذات عدم السواد لا الحصّة المقارنة هو أنّ منشأ هذا التلازم هو حكم العقل باستحالة اجتماع الضدّين ، وهذا معناه أنّه إذا ثبت أحد الضدّين ارتفع ذات الضدّ الآخر لا حصّة معيّنة من الضدّ الآخر. وهنا كذلك فإنّه إذا ثبتت صفرة الورقة ارتفع عدم سوادها لا حصّة خاصّة من عدم السواد وهي عدم السواد المقارن لوجود الصفرة.
نعم ، هذه الحصّة المقارنة والعدم المقيّد بذاك الوجود للضدّ إنّما يثبت في طول هذه الملازمة ، بحيث يكون متفرّعا ومترتّبا على الملازمة ومتحقّقا بعد الفراغ عن طروء الملازمة ، فإنّه يقال : إنّ عدم السواد الملازم للصفرة مقارن لوجود الصفرة ، إلا أنّ هذه الملازمة للحصّة المقارنة كانت في طول الملازمة الأولى ومتفرّعة عنها.
وحينئذ نقول : إذا سقط هذا المدلول المطابقي عن الحجّيّة وتبيّن أنّ الورقة ليست صفراء فهنا تسقط الحصّة المقارنة من اللازم وهي عدم السواد المقارن للصفرة ، إلا أنّ هذه الحصّة لم تكن هي المدلول الالتزامي ولم تقع طرفا للملازمة ، وإنّما ذات عدم السواد هو المدلول الالتزامي. وعليه ، فالساقط غير المدلول الالتزامي ، وأمّا المدلول الالتزامي فهو لا يزال باقيا على حجّيّته ؛ ولذلك فما ذكره السيّد الخوئي لا يتمّ هنا ؛ لأنّ ذات عدم الضدّ ليس داخلا في المعارضة ، وأمّا الحصّة المقارنة فهي تسقط لأنّها داخلة في المعارضة.
ومثال فقهي لذلك : الدليل الدالّ على الوجوب ، فالمدلول الالتزامي هو ذات عدم الترخيص مثلا الذي هو أحد أضداد الوجوب ، ثمّ بعد الملازمة تثبت الحصّة المقارنة للوجوب وهي عدم الترخيص المقارن كاللاحرمة مثلا ، وهذا هو يسقط عن الحجّيّة عند سقوط المدلول المطابقي. وأمّا المدلول الالتزامي والذي هو طرف الملازمة أي ذات عدم الترخيص فهو غير ساقط عن الحجّيّة ؛ لعدم دخوله في المعارضة ، وإنّما الداخل هو الحصّة أي اللاحرمة المقارنة فقط.