وقولنا : ( أكرم علماء هذه البلدة ) ينحلّ كذلك إلى وجوبات ضمنيّة بعدد الأفراد.
فهنا إذا سقط المدلول المطابقي عن الحجّيّة بأن علم بعدم وجوب الصلاة أو عدم وجوب الإكرام فهل تسقط الدلالة التضمّنيّة عن الحجّيّة أم تبقى حجّة؟
ذهب المشهور إلى أنّ الدلالة التضمّنيّة غير تابعة للدلالة المطابقيّة في الحجّيّة ، فتبقى ثابتة ولو سقط المدلول المطابقي (١).
__________________
(١) والمشهور قبل سلطان العلماء هو التبعيّة في السقوط. والصحيح هو التفصيل بين نحوين من الدلالة التضمّنيّة :
الأوّل : الدلالة التضمّنيّة التحليليّة كوجوب الصلاة وكالإطلاق ( أكرم العالم ) ، فإنّ هذه الدلالة التضمّنيّة تابعة للدلالة المطابقيّة في الحجّيّة أيضا ؛ وذلك لأنّ النكتة الكاشفة واحدة فيهما ، فإذا أسقطت هذه النكتة سقط المدلولان المطابقي والتضمّني معا إذ لا يوجد عناية زائدة لإسقاط المدلول التضمّني ؛ لأنّ الحيثيّة والنكتة فيهما معا واحدة.
الثاني : الدلالة التضمّنيّة غير التحليليّة كالعموم الاستغراقي ( أكرم كلّ عالم ) ، كالعموم المجموعي ( أكرم علماء هذه البلدة ). فهنا يوجد لكلّ فرد من أفراد هذا العموم نكتة وحيثيّة كشف خاصّة مستقلّة عن الحيثيّة الموجودة في الآخر. ولذلك إذا سقط المدلول المطابقي عن الحجّيّة وعلم بعدم وجوب إكرام كلّ العلماء لورود المخصّص المنفصل مثلا بالاستثناء لبعض هؤلاء العلماء من الإكرام ، فإنّ المقدار الباقي لا يسقط عن الحجّيّة ؛ لأنّ الحيثيّة الكاشفة فيه مستقلّة وليست مرتبطة بالحيثيّة الكاشفة في الأفراد الأخرى التي علم سقوطها.
فإسقاط الدلالات التضمّنيّة الأخرى يحتاج إلى مئونة وعناية زائدة في المقام. بهذا صحّ التفصيل بين هذين النحوين من الدلالة التضمّنيّة ؛ لأنّ الأوّل ليس فيه عناية زائدة إذ الحيثيّة الكاشفة واحدة في الجميع. بينما في الثاني يوجد عناية زائدة ؛ لأنّ الحيثيّة الكاشفة متعدّدة ومستقلّة عن البعض حيث لكلّ فرد حيثيّة خاصّة وسقوط بعضها لا يوجب سقوط البقية.
وسيأتي مزيد تفصيل في بحث الظهور التضمّني الآتي.