فإنّه يقال في الجواب عن هذا الإشكال : إنّ احتياج صيغة الأمر إلى كبرى حجيّة الظهور لا يخرجها من كونها قاعدة أصوليّة ؛ وذلك لأنّ كبرى حجيّة الظهور ليست من القواعد الأصوليّة ؛ بسبب الاتّفاق والتسالم عليها من قبل جميع العقلاء ، فلا يوجد خلاف في حجيّة الظهور ليبحث عنها في الأصول لتكون قاعدة أصوليّة ، بل هي من القواعد العقلائيّة والمرتكزات العرفيّة التي يقبلها العرف بأدنى توجّه وتأمّل ، وهذا يعني أنّ صيغة الأمر لم تحتج إلى ضميمة قاعدة أصوليّة ، بل احتاجت إلى ضميمة قاعدة عرفيّة عقلائيّة ، فلذلك تكون داخلة تحت ضابطة التعريف من دون أي إشكال في المقام.
وبهذا ظهر أنّ القاعدة الأصوليّة هي التي لا تحتاج إلى أصوليّة أخرى ، وإن احتاجت إلى بعض القواعد الأخرى العقلائيّة والعرفيّة أو بعض المسائل اللغويّة والرجاليّة ، فهذا لا يضرّ في أصوليّتها ، كما أنّ حجيّة الظهور التي تحتاج إليها بعض القواعد الأصوليّة ليست أصوليّة ؛ للاتّفاق عليها عند العقلاء فلا تدخل في علم الأصول ، بل هي من المرتكزات العامّة عند العرف.
ونلاحظ على ذلك أوّلا : أنّ عدم احتياج القاعدة الأصوليّة إلى أخرى إن أريد به عدم الاحتياج في كل الحالات فلا يتحقّق هذا في القواعد الأصوليّة لأنّ ظهور صيغة الأمر في الوجوب مثلا بحاجة في كثير من الأحيان إلى دليل حجيّة السند حينما تجيء الصيغة في دليل ظنّي السند ، وإن أريد به عدم الاحتياج ولو في حالة واحدة فهذا قد يتفق في غيرها كما في ظهور كلمة الصعيد إذا كانت سائر جهات الدليل قطعيّة.
الإيراد الأوّل على ما ذكره السيّد الخوئي من تعريف هو : أنّ عدم الاحتياج الذي اشترطه في ضابطة القاعدة الأصوليّة إمّا أن يراد به عدم الاحتياج مطلقا وفي كل الحالات فالقاعدة الأصوليّة هي التي لا تحتاج إلى قاعدة أصوليّة مطلقا ، بل تكون بنفسها كافية لاستنباط الحكم الشرعي الكلّي ، فهذا لا يتّفق في كثير من القواعد الأصوليّة لأنّها تحتاج إلى بعضها في أغلب الأحيان ؛ فمثلا صيغة الأمر الظاهرة في الوجوب تحتاج في كثير من الأحيان إلى تنقيح دليل السند أو تنقيح الدلالة فيما إذا وردت في دليل ظنّي السند أو ظنّي الدلالة ، فدلالة صيغة الأمر على الوجوب لا تتمّ لها الحجيّة فيما إذا لم تتنقح حجيّة السند والدلالة ، وهذا يعني أنّه بناء على تفسير