إبطال طريقيّة الدليل
كلّ نوع من أنواع الدليل حتّى لو كان قطعيّا يمكن للشارع التدخّل في إبطال حجّيّته ، وذلك عن طريق تحويله من الطريقيّة إلى الموضوعيّة.
الدليل سواء كان قطعيّا أو ظنّيّا وسواء كان شرعيّا أو عقليّا يمكن للشارع التدخّل في إبطال طريقيّته وحجّيّته.
أمّا الدليل الظنّي فلا إشكال في إمكان إبطال حجّيّته ؛ لأنّها كانت متوقّفة على عدم الإذن والترخيص من الشارع ، فمع وجودهما يبطل موضوع الحجّيّة ويرتفع بارتفاع قيده ، وهذا ممّا لا إشكال فيه.
وأمّا الدليل القطعي فقد تقدّم أنّ حجّيّة القطع وطريقيّته من اللوازم الذاتيّة للقطع بتكليف المولى ، فإذا قطع بتكليف المولى حكم العقل بوجوب الإطاعة والامتثال وحرمة المخالفة ، وهو معنى المنجّزيّة والحجّيّة. مضافا إلى كونه طريقا وكاشفا تامّا عن المقطوع ؛ لأنّ الطريقيّة والكاشفيّة نفس القطع. فكيف يتمّ إبطال حجّيّته وطريقيّته؟!
والجواب : أنّ هذا يتمّ عن طريق تحويل القطع من القطع الطريقي إلى القطع الموضوعي ، وتوضيح ذلك :
بأن يأخذ عدم قيام الدليل الخاصّ على الجعل الشرعي في موضوع الحكم المجعول في ذلك الجعل ، فيكون عدم قيام دليل خاصّ على الجعل الشرعي قيدا في الحكم المجعول ، فإذا قام هذا الدليل الخاصّ على الجعل الشرعي انتفى المجعول بانتفاء قيده ، وما دام المجعول منتفيا فلا منجّزيّة ولا معذّريّة.
كيفيّة تحويل القطع من الطريقيّة إلى الموضوعيّة : أن يأخذ الشارع عدم هذا الدليل القطعي الخاصّ موضوعا في الحكم المجعول بأن يقول مثلا : ( إذا قام هذا الدليل الخاصّ المعيّن القطعي على الجعل فالمجعول غير ثابت وغير متحقّق ؛ لأنّه يشترط في فعليّة