المجعول أن يكون عدم الدليل المذكور متحقّقا ، فإذا لم يكن هذا الدليل الخاصّ موجودا كان المجعول فعليّا ، وإذا كان موجودا لم يكن فعليّا ).
وقد تقدّم أنّ الجعل غير المجعول ، فالجعل : هو الحكم الثابت في عالم التشريع والواقع مع كلّ قيوده وشروطه المأخوذة فيه على نحو القضيّة الحقيقيّة ، بينما المجعول : هو الجعل الموجود والمتحقّق في الخارج ، وذلك بفعليّة قيوده وشروطه خارجا كالحجّ والاستطاعة. فإنّ الحجّ على المستطيع واجب وهذا موجود في عالم الجعل ، وأمّا وجوب الحج خارجا ففعليّته مرتبطة بتحقّق قيوده في الخارج بأن يوجد مكلّف مستطيع فيكون الوجوب فعليّا ، وإلا لم يكن فعليّا وإذا لم يكن فعليّا فلا أثر له.
وهنا يأخذ الشارع عدم هذا الدليل الخاصّ القطعي بالجعل في الحكم في موضوع الحكم المجعول ، فإذا كان عدم الدليل متحقّقا كان المجعول فعليّا والحكم الشرعي ثابتا ؛ لتحقّق قيوده في الخارج. وإن كان الدليل المذكور موجودا كان معنى ذلك أنّ القيد المأخوذ موضوعا في الحكم المجعول منتفيا فينتفي المجعول ؛ لانتفاء قيوده في الخارج. فإذا كان المجعول منتفيا في الخارج بانتفاء قيوده وعدم تحقّقها لم يكن له أثر تنجيزي أو تعذيري كالحجّ عند فقدان الاستطاعة. وهذا يعني أنّ هذا القطع الحاصل من الدليل الخاصّ فاقد للحجّيّة ؛ لأنّه ليس منجّزا ولا معذّرا وفاقد للطريقيّة ؛ لأنّه ليس كاشفا عن الحكم أو أنّ كشفه عن الحكم كان مساوقا لعدم كشفه عنه.
وبتعبير آخر : يدّعى أنّ القطع الحاصل من الدليل الخاصّ بالجعل قد أخذ عدمه قيدا في المجعول. بمعنى أنّ عدم القطع بالحكم الشرعي ( الدليل الخاصّ ) على مستوى الجعل شرط وقيد في فعليّة الحكم المجعول ، فإذا تحقّق ذلك بأن قطع بالحكم الشرعي من دليل آخر كان الحكم فعليّا ؛ لفعليّة قيوده في الخارج. وأمّا إذا قطع بالحكم الشرعي من الدليل الخاصّ الذي أخذ عدمه قيدا فالحكم ليس فعليّا ؛ وذلك لانتفاء قيده إذ قيده عدم هذا الدليل ، والموجود في الخارج هو تحقّق الدليل ، فإذا انتفى القيد انتفى المقيّد ، وبالتالي لا يكون الحكم فعليّا أي أنّ المجعول ليس فعليّا ، وإذا لم يكن فعليّا لم يكن منجّزا ولا معذّرا ، وهو معنى انتفاء حجّيّته.
وليس ذلك من سلب المنجّزيّة عن القطع بالحكم الشرعي ، بل من الحيلولة دون