( الصعيد ) ، فإنّ البحث عن مدلول هذه الكلمة ليس أصوليّا ؛ لأنّ كلمة ( الصعيد ) ليس لها قابليّة للجريان في كلّ الأبواب ، وإنّما تختصّ في باب الصلاة والتيمّم مثلا. ولذلك كان البحث عنها في ذمّة أهل اللغة فيرجع الفقيه إليهم ، أو يبحث هو نفسه عنها إن كان من أهل اللغة ، أو اعتمد على التبادر.
الدلالات المشتركة : هي الدلالات العامّة التي تشكّل عناصر مشتركة في عمليّة الاستنباط في مختلف الأبواب الفقهيّة بحيث تكون لها الصلاحيّة للجريان والتطبيق في كلّ الأبواب على فرض وقوعها فيها. فيقع البحث الأصولي حول دلالتها إن كانت غامضة عند أهل اللغة ، أو يبحث في تحليل وكنه هذه الدلالة إن كانت معلومة عند أهل اللغة.
وهذا من قبيل دلالة صيغة ( افعل ) على الوجوب ، فإنّ اللغوي يذكر أنّ هذه الصيغة تدلّ على الوجوب ، إلا أنّ تحليل هذه الدلالة وتفسيرها وهل هي وضعا أو عقلا أو إطلاقا؟ فهذا لا يستفاد من أهل اللغة مع أنّ ذلك له أهميّة كبيرة في كيفيّة الاستفادة من هذه الصيغة ، مضافا إلى أنّ هذه الصيغة تشكّل عنصرا مشتركا بحيث إنّها إذا وقعت في أي باب فقهي كانت لها الصلاحيّة لاستنباط الحكم الشرعي بالوجوب. وهكذا الحال بالنسبة لدلالة اسم الجنس الخالي من القيد على إرادة المطلق ، كما في قولنا : ( أكرم العالم ) فإنّ اسم الجنس وهو كلمة العالم لم تقيّد بقيد ، فيستدلّ على كون المراد هو الطبيعة بما هي هي المساوقة للإطلاق ، فإنّ هذه الدلالة على الإطلاق هل هي بقرينة الحكمة أو هي بالوضع بأن يكون اسم الجنس موضوعا للطبيعة المطلقة لغة؟ فإنّ ذلك له علاقة وطيدة في الاستنباط فيما إذا وردت هذه الكلمة في مختلف الأبواب.
وقد يقال : إنّ غرض الأصولي إنّما هو تعيين ما يدلّ عليه اللفظ من معنى أو ما هو المعنى الظاهر للفظ عند تعدّد معانيه لغة ، وإثبات هذا الغرض إنّما يكون عادة بنقل أهل اللغة ، أو بالتبادر الذي هو عمليّة عفويّة يمارسها كلّ إنسان بلا حاجة إلى تعمّل ومزيد عناية ، فأي مجال يبقى للبحث العلمي ولإعمال الصناعة والتدقيق في هذه المسائل لكي يتولّى ذلك علم الأصول؟!
قد يشكل على ما ذكرناه من كون الدلالات المشتركة يبحث عنها علم الأصول