وهذا المقدار لا يكفي لمعرفة الفارق الجوهري بين الجملتين ؛ إذ متى يحسن السكوت ومتى لا يحسن السكوت؟ وكيف كان السكوت حسنا في هذه دون تلك؟ وما هو المعنى الموجود في كلّ من الجملتين اللتين قد تتّفقان في الألفاظ مع اختلافهما في المعنى؟
وأمّا البحوث اللغويّة فهي يمكن أن تقع موضعا للبحث العلمي في إحدى الحالات التالية :
ذكرنا أنّ المعنى ليس واضحا في البحوث اللغويّة ، بل يراد معرفته واكتشافه وهي على قسمين :
البحوث اللغويّة الاكتشافيّة المحضة أي اكتشاف المعنى فقط.
والبحوث اللغويّة الاكتشافيّة التفسيريّة أي اكتشاف المعنى مع بيان المناط والملاك الموجود فيه.
الحالة الأولى : أن تكون هناك دلالة كلّيّة كقرينة الحكمة ، ويراد إثبات ظهور الكلام في معنى كتطبيق لتلك القرينة الكلّيّة.
الحالة الأولى من البحوث اللغويّة هي البحوث اللغويّة الاكتشافيّة المحضة ، وذلك اعتمادا على دلالة كلّيّة كقرينة الحكمة ، فإنّ هذه القرينة إذا تمّت مقدّماتها جميعا في مورد تمّ اكتشاف أنّ هذا المورد يدلّ على الإطلاق. فنحن نريد أن نطبّق هذه الدلالة الكلّيّة لإثبات ظهور الكلام في المعنى المراد اكتشافه بحيث يكون تطبيقا وصغرى لهذه الدلالة الكلّيّة.
فهل هذه الصيغة المعيّنة أو هذه الكلمة الفلانيّة ظاهرة في المعنى المعيّن الذي هو الإطلاق او ليست ظاهرة فيه؟ فإثبات ذلك واكتشاف أنّ المعنى المعيّن يمكن استفادته من اللفظ أو من الصيغة يمكن إثباته بواسطة هذه الدلالة الكلّيّة التي هي قرينة الحكمة ، وذلك فيما إذا كانت مقدّماتها موجودة في هذه الصيغة أو الكلمة.
فعندئذ نحقّق صغرى ومصداقا تطبيقيّا لهذه القاعدة ، فتكون هذه الدلالة الكلّيّة دالّة على المعنى المراد اكتشافه من باب تطبيق القاعدة الكلّيّة على مصاديقها الخارجيّة.
ومثال ذلك : أن يقال بأنّ ظاهر الأمر هو الطلب النفسي لا الغيري ، والتعييني