الطلب التعييني وهو وجوب الشيء بعينه ولا يجزي غيره عنه ، ويقابله الطلب التخييري وهو وجوب هذا أو ذاك على نحو البدليّة.
الطلب العيني وهو وجوب الشيء على الشخص نفسه ، ويقابله الطلب الكفائي أي وجوب الشيء على الجميع ويسقط بفعل بعضهم.
فهنا بواسطة قرينة الحكمة يثبت الطلب بنحو مطلق على أساس نفي القيود الزائدة المشكوك وجودها كما سيأتي. وبهذا الإطلاق نثبت الطلب الوجوبي والتعييني والعيني والنفسي دون تلك الأقسام ؛ لأنّ تلك الأقسام تحتاج إلى مئونة زائدة لا بدّ من ذكرها في الكلام فعدم ذكرها يدلّ على عدم إرادتها.
وأمّا كيف أنّ تلك الأقسام كانت من الطلب المطلق ، وهذه من الطلب المقيّد فهذا بحث يتولاّه علم الأصول لاكتشاف الإطلاق من التقييد.
الحالة الثانية : أن يكون المعنى متبادرا عرفا ومفروغا عن فهمه من اللفظ ، وإنّما يقع البحث العلمي في تفسير هذه الدلالة ، وهل هي تنشأ من الوضع أو من قرينة الحكمة أو من منشأ ثالث؟
الحالة الثانية من البحوث اللغويّة هي البحوث اللغويّة التفسيريّة بمعنى أنّ المعنى المدلول عليه من اللفظ واضح لا إشكال فيه ، استنادا إلى أهل اللغة أو إلى التبادر ، فليس هناك بحث في اكتشاف هذا المعنى ؛ لأنّه مفهوم ومفروغ عنه. وإنّما يقع البحث في تفسير هذه الدلالة وكيف كان هذا اللفظ دالاّ على المعنى المذكور؟ هل هو عن طريق الوضع بأن كان اللفظ موضوعا لغة لهذا المعنى ، أو هو عن طريق قرينة الحكمة ، بأن كان اللفظ دالاّ على الجامع بين هذا المعنى ومعنى آخر ، وكانت دلالته على المعنى الآخر فيها مئونة زائدة منتفية بقرينة الحكمة ، أو أنّ العقل هو الذي يحكم بأنّ اللفظ دالّ على المعنى المذكور؟ فهذا بحث علمي أصولي يختلف الأمر والثمرة فيه باختلاف هذا البحث التفسيري.
ومثال ذلك : أنّه لا إشكال في تبادر المطلق من اسم الجنس مع عدم ذكر القيد ، ولكن يبحث في علم الأصول أنّ هذا هل هو من أجل وضع اللفظ للمطلق ، أو من أجل دالّ آخر كقرينة الحكمة؟ وهذا بحث لا يكفي فيه مجرّد الإحساس بالتبادر الساذج ، بل لا بدّ من جمع ظواهر عديدة ليستكشف من خلالها ملاك الدلالة.