فقصّر ) فإنّه لا مفهوم لهذه الجملة ؛ لأنّ الشرط ليس العلّة الوحيدة المنحصرة ؛ لأنّ التقصير ثابت مع خفاء الجدران بقوله : ( إذا خفيت الجدران فقصّر ).
مع أنّ استعمال الجملة الشرطيّة في موارد عدم المفهوم ليس مجازا ، كالمجازيّة في استعمال الأسد في الرجل الشجاع ، فإنّه إذا قيل. ( زيد أسد ) ؛ لكونه شجاعا كان استعمالا مجازيّا ؛ لأنّه استعمال اللفظ في غير المعنى الموضوع له لمناسبة وهي الشجاعة. وفي مقامنا لا يوجد مجازيّة في استعمال الجملة الشرطيّة في موارد عدم المفهوم ، مع أنّ التبادر الأوّل الذي يدلّنا على ثبوت المفهوم للجملة الشرطيّة في موارد كون الشرط علّة تامّة منحصرة معناه أنّ أدوات الشرط موضوعة لغة لذلك.
فكيف يتمّ التوفيق بين هذين المفهومين المتبادرين المتنافيين ، وهما :
التبادر على أنّ الشرطيّة تدلّ على المفهوم ، والذي معناه كونها موضوعة لذلك لغة.
والتبادر على عدم المجاز في موارد عدم المفهوم ، فإنّه لو كانت موضوعة للمفهوم كيف لم يكن هناك مجاز؟!
ومن هنا يتحيّر الإنسان في كيفيّة التوفيق بين هذين الوجدانين ، ويؤدّي ذلك إلى الشكّ في الدلالة على المفهوم ما لم يتوصّل إلى تفسير يوفّق فيه بين الوجدانين.
والنتيجة هي الوقوع في الحيرة أمام هذين الوجدانين المتنافيين ، فهل يأخذ بالوجدان الأوّل ويحكم بالمجازيّة في موارد عدم المفهوم ، أو يأخذ بالوجدان الثاني ويحكم بعدم المفهوم في موارد العلّة التامّة المنحصرة؟ وكلا الأمرين لا دليل عليه وجدانا ، والأخذ بأحدهما وطرح الآخر ترجيح بلا مرجّح. ولذلك يؤدّي الأمر إلى الشكّ في دلالة الجملة على المفهوم أو إلى إنكار المفهوم ما لم يتوصّل إلى حلّ فنّي يوفّق بين الوجدانين.
وهذا الحلّ الفنّي يتولاّه علم الأصول وهو بحث تفسيري توفيقي بعد أن كان المعنى موجودا ، وهذا الحلّ يختلف باختلاف المباني والتصوّرات وعلى أساسه تختلف النتائج والتي تؤثّر في عمليّة الاستنباط ؛ لأنّ الجملة الشرطيّة من العناصر المشتركة في الاستنباط.
وهناك أيضا بعض الحالات الأخرى التي يجدي فيها البحث التحقيقي.