النتيجة : بعد أن ثبت وجود معاني رابطة والربط ذاتي لها ، وثبت أنّ الأسماء ليست هي المعاني الرابطة نصل إلى النتيجة القائلة بأنّ المعاني الرابطة هي مداليل الحروف ومعانيها ؛ لأنّه لا يوجد لدينا إلا الأسماء والحروف. ولمّا ثبت بالبرهان في المقدّمة الثالثة أنّ الأسماء ليست هي تلك المعاني الرابطة تعيّن أن تكون الحروف هي تلك المعاني الرابطة ، ويكون الربط ذاتيّا لها وعين حقيقتها ولا ينفكّ عنها أبدا.
وبهذا ظهر الفارق الجوهري والحقيقي بين الأسماء والحروف ، فالأسماء تدلّ على معان استقلاليّة بينما الحروف تدلّ على معان رابطيّة ، فالموضوع له والمستعمل فيه الحرف يختلف بذاته وجوهره وحقيقته عن الاسم ، خلافا لصاحب ( الكفاية ).
وحتّى نفس مفهوم النسبة ومفهوم الربط المدلول عليهما بكلمتي النسبة والربط ليسا من المعاني الحرفيّة ، بل من المعاني الاسميّة ، لإمكان تصوّرهما بدون أطراف.
مفهوم النسبة والربط مفهومان ذهنيّان مدلولان لكلمتي النسبة والربط ، وليسا من المعاني الحرفيّة ؛ لأنّنا قلنا : إنّ المعاني الحرفيّة هي المعاني الرابطة التي يكون الربط فيها ذاتيّا ، ولا يمكن انفكاكه عنها ولا يمكن أن تتصوّر مجرّدة عنه.
وهنا النسبة والربط بما هما مفهومان ذهنيّان من المعاني الاسميّة ؛ لأنّنا يمكن أن نتصوّرهما من دون الطرفين في الخارج ، بل نتصوّر النسبة والربط ونحكم عليهما في الذهن بما نشاء من أحكام ، فنقول مثلا : النسبة موجودة أو الربط ليس موجودا. وهذا يعني تصوّرهما مستقلّين عن الأطراف ، فهما ليسا من المعاني الحرفيّة وإلا لاستحال تصوّرهما من دون الطرفين.
وهذا يعني أنّهما ليسا نسبة وربطا بالحمل الشائع وإن كانا كذلك بالحمل الأوّلي.
مفهوم النسبة والربط بالحمل الشائع ليسا نسبة وربطا ، بينما النسبة والربط بالحمل الأوّلي نسبة وربط.
وتوضيح ذلك : أنّ الحمل الشائع هو المصداق الخارجي للشيء ، أي ملاحظة الشيء بما هو مقيّد بالوجود الخارجي ، وهنا مفهوم النسبة ومفهوم الربط بما هما مفهومان ذهنيّان قلنا : إنّه يمكن تصوّرهما مستقلّين عن الطرفين. وهذا يعني أنّهما ليسا مصداقين للنسبة والربط ؛ لأنّ النسبة والربط بالحمل الشائع ، أي بقيد الوجود الخارجي