بالألفاظ جزافا وإنّما يعبّر بالألفاظ عمّا يجول في خاطره من معان كما هو واضح بالبداهة.
المرحلة الثانية : أنّ تكثّر النوع الواحد من النسبة كنسبة الظرفيّة مثلا لا يعقل إلا مع فرض تغاير الطرفين ذاتا ، كما في نسبة ( النار ) إلى ( الموقد ) ونسبة ( الكتاب ) إلى ( الرفّ ) ، أو موطنا كما في نسبة الظرفية بين ( النار ) و ( الموقد ) في الخارج وفي ذهن المتكلّم وفي ذهن السامع.
وهنا أمور :
الأمر الأوّل : ذكرنا أنّ النسبة التي هي معنى حرفي متقوّم بالطرفين يستحيل انفكاكها عنهما. وعليه ، فإنّ النوع الواحد من هذه النسب المختلفة ؛ حيث إنّه توجد النسبة الظرفيّة والابتدائيّة والاستعلائيّة والالتصاقيّة ... إلى آخره إنّما يحصل فيها التكثّر والتعدّد مع فرض التغاير بين الطرفين وتعدّدهما ، فكلّما كان هناك طرفان متغايران حصل لنا كثرة في هذه النسبة.
وهذا التغاير تارة يكون بلحاظ الذات أي أن يتغيّر نفس الطرفين ويحلّ مكانهما طرفان آخران كقولنا : ( النار في الموقد ، الكتاب في الرفّ ، زيد في البيت ) ، فهنا التغاير بين الطرفين ذاتي ؛ لأنّ كلّ طرفين في الجملة يتغايران مع الطرفين في الجملة الأخرى بذاتهما ، فإنّ زيدا والبيت والموقد والنار والكتاب والرفّ جواهر ذاتيّة متغايرة.
وأخرى يكون التغاير بلحاظ الواقع وعالم الوجود والتحقّق ، أي الموطن والعالم الذي يوجد فيه الطرفان مع وحدتهما ذاتا ، أي أنّه يوجد طرفان يتعدّد ويكثّر وجودهما بلحاظ اختلاف وتغاير الموطن ، كقولنا : النار في الموقد بلحاظ عالم الواقع الخارجي ، والنار في الموقد في ذهن المتكلّم ، والنار في الموقد في ذهن المخاطب والسامع. فإنّ هذه النسبة الواحدة التي لها طرفان متّحدان ذاتا متغايرة بلحاظ الموطن والعالم. وبأحد هذين الأمرين يحصل لنا التكثّر والتعدّد بالنسب.
وكلّما تكثّرت النسبة على أحد هذين النحوين استحال انتزاع جامع ذاتي حقيقي بينهما ، وذلك إذا عرفنا ما يلي :
الأمر الثاني : هو أنّه يستحيل أن يكون هناك جامع حقيقي بين النسب المختلفة والمتكثّرة بالأنواع ، بل حتى النوع الواحد من النسب يستحيل انتزاع جامع ذاتي بين