أفراده ومصاديقه ، كنسبه الظرفيّة مثلا فإنّه يستحيل أن تكون جامعا ذاتيّا بين النسب الظرفيّة المتكثّرة ذاتا أو موطنا ؛ وذلك لأنّه يشترط في الجامع الذاتي عدّة أمور كلّها ليست متوفّرة بلحاظ النسب ، وتوضيح ذلك :
أوّلا : أنّ الجامع الذاتي الحقيقي ما تحفظ فيه المقوّمات الذاتيّة للأفراد ، خلافا للجامع العرضي الذي لا يستبطن تلك المقوّمات. ومثال الأوّل : الإنسان بالنسبة إلى زيد وخالد. ومثال الثاني : الأبيض بالنسبة إليهما.
الجامع الذاتي الماهوي الحقيقي عبارة عن الكلّي الذي يحفظ المقوّمات الذاتيّة للأفراد من جنس وفصل ؛ لأنّ فرضه ذاتيّا يعني ملاحظة الذاتيّات التي تتألّف منها الماهيّة بعد تجريدها عن الخصوصيّات والقيود الزائدة عنها والتي تعرض عليها ، سواء العرض الخاصّ أو العرض العامّ.
مثاله مفهوم الإنسان الذي يكون جامعا حقيقيّا ذاتيّا لأفراده الخارجيّة كزيد وعمرو وخالد بعد تجريدها عن العوارض والصفات التي تتميّز بها وتشخّصها عن غيرها ، فإنّ الإنسان يحتوي على الجنس والفصل الموجودين في هذه الأفراد وهما الحيوان والناطق ، فكلّ واحد من هذه الأفراد قد حفظ فيه المقوّمات الذاتيّة داخل هذا الجامع الذاتي الحقيقي.
وأمّا الجامع العرضي فهو لا يحافظ على المقوّمات الذاتيّة للأفراد ، وإنّما يلاحظ فيه جهة مشتركة بين الأفراد أو الأنواع وهذه الجهة المشتركة ليست دخيلة في التركيب الذاتي لهذه الأفراد وإنّما هي جهة وصفة عارضة عليها ، مثاله مفهوم الأبيض الذي يكون جامعا بالنسبة لزيد وخالد أو لهما وللثلج والحليب مثلا ، فإنّه لا يستبطن المقوّمات الذاتيّة لهذه الأفراد ولذلك فهو ليس جامعا ذاتيّا وحقيقيّا ، وإنّما يحتوي هذا الجامع على صفة مشتركة بينها لاحظها العقل وانتزعها من الأفراد وفرضها جامعا عرضيّا انتزاعيّا.
ثانيا : أنّ انتزاع الجامع يكون بحفظ جهة مشتركة بين الأفراد مع إلغاء ما به الامتياز.
إنّ انتزاع الجامع الحقيقي من بين الأفراد أو الأنواع بملاحظة الجهة الذاتيّة المشتركة بين الأفراد أو الأنواع جميعا يكون بإلغاء كلّ الخصوصيّات والمشخّصات الأخرى