التي يمتاز بها هذا الفرد عن ذاك أو ذاك النوع عن الآخر. فمثلا : انتزاع مفهوم الإنسان من زيد وعمرو وخالد يكون بالحفاظ على الجهة الذاتيّة التي يشترك فيها الجميع ، وهي الحيوان الناطق مع إلغاء وتجريد كلّ فرد من خصوصيّاته ومميّزاته الشخصيّة التي تكون عارضة عليه وليس دخيلة في تركيبه الماهوي.
وكذلك انتزاع مفهوم الحيوان من الإنسان والفرس والأسد يكون بالحفاظ على الجهة المشتركة في الجميع ، وهي الحيوان مع إلغاء الفصول والعوارض والخصوصيّات التي تتنوّع بها هذه الأفراد.
ونفس هذا الكلام يمكن تطبيقه على الجامع الانتزاعي العرضي الذي يلاحظ فيه جهة مشتركة أيضا بين الأفراد أو الأنواع المتكثّرة والمختلفة والمتميّزة ، كانتزاع الأبيض من زيد وعمرو والثلج والورق والحليب ، مع إلغاء كلّ الخصوصيّات والذاتيّات التي يمتاز بها هذا عن ذاك. وعليه فيكون الجامع العرضي يلاحظ فيه الجهة المشتركة العرضيّة.
ثالثا : أنّ ما به امتياز النسب الظرفيّة المذكورة بعضها على بعض إنّما هو أطرافها ، وكلّ نسبة متقوّمة ذاتا بطرفيها ، وإلا لم تكن نسبة وربطا في هذه المرتبة.
وعلى أساس ما تقدّم ـ من أنّه لا بدّ من ملاحظة الجهة المشتركة وإلغاء ما به الامتياز ـ نقول :
إنّ المعاني الحرفيّة كالنسبة الظرفيّة مثلا التي لها أفراد متعدّدة ومتكثّرة ذاتا أو موطنا كقولنا : زيد في الدار ، وزيد في المدرسة ، وزيد في الدار كصورة في ذهن المتكلّم أو ذهن السامع أو في الخارج. فهذه النسب المتكثّرة والمتنوّعة نجد أنّ ما به امتياز كلّ نسبة فيها عن الأخرى إنّما هو طرفاها ، فهذه النسبة تختلف عن تلك تبعا لاختلاف الطرفين إمّا ذاتا وإمّا موطنا.
ونجد أيضا أنّ ما به الامتياز في كلّ نسبة وهو الطرفان دخيلا في حقيقة النسبة ، بمعنى أنّه ذاتي لها ومقوّم لها ، إذ تقدّم سابقا أنّ النسبة والربط متقوّمة بالطرفين فهي عين الطرفين وهما حقيقة النسبة والربط.
ولذلك يستحيل تصوّر النسبة أو الربط مجرّدة عن الطرفين ؛ لأنّ الطرفين في مرتبة النسبة ذاتها أي هما عين حقيقتها وماهيّتها ، وما كان عين حقيقة الشيء وفي مرتبة