موضوع علم الأصول
موضوع علم الأصول ـ كما تقدّم في الحلقة السابقة (١) ـ : الأدلّة المشتركة في الاستدلال الفقهي. والبحث الأصولي يدور دائما حول دليليّتها.
عادة يذكر لكلّ علم موضوع ، والمراد من الموضوع هو ذاك المفهوم الكلّي الذي يكون جامعا بين موضوعات مسائل العلم. فإنّ العلم عبارة عن مجموعة من المسائل ولكلّ مسألة موضوع خاصّ يختلف عن الموضوع في المسألة الأخرى ومحموله كذلك ، وتكوّن بمجموعها مسائل العلم. وهذه الموضوعات والمحمولات المختلفة يجمعها مفهوم كلّي وقضيّة كليّة بموضوعها ومحمولها ، وهذا يعني أنّ الموضوع في حقيقته هو نفس مسائل العلم وليس شيئا زائدا عليها ولذلك قالوا : إنّ الموضوع هو الذي يبحث فيه عن العوارض الذاتيّة للعلم ، فموضوع كلّ علم إذن هو نفس مسائله وأبوابه ومباحثه وموضوعات مسائله ومحمولاتها ، وعليه فتكون النسبة بين العلم وموضوعه هي نسبة التساوي ؛ غاية الأمر الفرق بينهما في الإجمال والتفصيل ، فهما متّحدان في المفهوم والمصداق ومختلفان في الاعتبار ، أي أنّ المغايرة بينهما اعتباريّة.
وعلى كلّ حال فقد عرّف موضوع علم الأصول بتعاريف عديدة ومختلفة ، والتعريف الصحيح بنظر السيّد الشهيد هو ما ذكره بعض القدماء مع تطوير له ؛ وذلك لأنّهم ذكروا أنّ موضوع علم الأصول هو الأدلّة الأربعة ، بينما الصحيح هو الأدلّة المشتركة في الاستدلال الفقهي خاصّة ، وهذا أعمّ وأشمل من تعريف القدماء حيث خصّوا الموضوع بالأدلّة الأربعة فقط ، بينما هو الأدلّة المشتركة التي تشمل الأربعة وغيرها من الأدلّة ، فما ذكروه من الأدلّة صحيح ولكن ما حصروه من الأربعة غير صحيح ، بل هو الأعمّ منها ، فكلّ ما كان دليلا وعنصرا مشتركا في عمليّة الاستنباط
__________________
(١) ضمن مباحث التمهيد ، تحت عنوان : موضوع علم الأصول وفائدته.