موضوعات مسائل العلم في مرحلة التدوين ، وإنّما المراد منه المفهوم الكلّي الجامع لكلّ مسائل العلم قبل مرحلة التدوين وبقطع النظر عنها. وقد استدلّ على وجود الموضوع لكلّ علم بدليلين يضاف إليهما دليل ثالث على مبنى السيّد الشهيد :
أحدهما : أنّ التمايز بين العلوم بالموضوعات ، بمعنى أنّ استقلال علم النحو عن علم الطبّ إنّما هو باختصاص كلّ منهما بموضوع كلّي يتميّز عن موضوع الآخر ، فلا بدّ من افتراض الموضوع لكلّ علم.
الدليل الأوّل : ما ذكره المشهور من أنّ العلوم تتمايز عن بعضها لأجل التمايز بين موضوعاتها ، فعلم النحو مثلا يمتاز عن علم الطبّ بموضوعه. فإنّ موضوع علم النحو الكلمة العربيّة وموضوع علم الطبّ الجسم الحي ، فلأجل تمايز الموضوع بينهما امتاز هذان العلمان عن بعضهما ، وعلى هذا فلا بدّ من افتراض موضوع لكلّ علم لكي يتحقّق التمايز بين العلوم ؛ إذ لو لم يكن لكلّ علم موضوع خاصّ به لما حصل التمايز بين العلوم ، وبما أنّ التمايز حاصل بين العلوم والتمايز لا يتمّ إلا باختلاف الموضوع فهذا يدلّ على وجود الموضوع لكلّ علم يمتاز عن موضوع العلم الآخر. وهذا الدليل مؤلّف من مقدّمتين : الأولى أنّ هناك تمايزا بين العلوم ، والثانية أنّ التمايز بين العلوم هو باختلاف موضوعاتها ، فالنتيجة هي وجود الموضوع لكلّ علم والذي على أساسه يحصل التمايز.
وهذا الدليل أشبه بالمصادرة ؛ لأنّ كون التمايز بين العلوم بالموضوعات فرع وجود موضوع لكلّ علم ، وإلا تعيّن أن يكون التمييز قائما على أساس آخر كالغرض.
هذا الدليل شبيه بالمصادرة وليس مصادرة حقيقيّة ؛ لأنّ المصادرة هي أن يكون الدليل عين المدّعى بأن يستدلّ على المطلوب بنفسه. وأمّا الشبيه بالمصادرة فهو أن يكون الدليل من لوازم ومتفرّعات المطلوب ، وهنا استدلّوا على وجود الموضوع لا بالموضوع نفسه ليكون مصادرة ، بل بشيء لازم ومتفرّع عليه وهو التمايز ، إذ التمايز بالموضوعات بين العلوم فرع وجود الموضوع أوّلا ، فهو لازم ومتفرّع على وجود الموضوع فيثبت الموضوع أوّلا ، ثمّ تثبت لوازمه ومتفرّعاته. فلذلك كان هذا الدليل شبيها بالمصادرة وليس مصادرة حقيقية. ولا فرق بين المصادرة والشبيه بها في كون