الإنشائيّة تكون إيجاديّة بينما الجملة الخبريّة تكون إخطاريّة ، ولكن مع فارق بين هذين النحوين من الإيجاديّة والإخطاريّة وهو :
لكن مع فارق الإيجاديّتين ، فتلك بمعنى كون الحرف موجدا للربط الكلامي وهذه بمعنى كون ( بعت ) موجدة للتمليك بالكلام. فما هو الموجد في باب الحروف حالة قائمة بنفس الكلام ، وما هو الموجد في باب الإنشاء أمر اعتباري مسبّب عن الكلام.
وأمّا الفارق بين إيجاديّة الحرف لمعناه وبين إيجاديّة الجملة الإنشائيّة لمعناها فهو أنّ الإيجاديّة في الحروف تتقوّم بأربعة أمور هي :
١ ـ إيجاد شيء لم يكن موجودا قبل التلفّظ ، وهو الربط الكلامي بين المفهومين مثل ( النار في الموقد ).
٢ ـ أن يكون المعنى الموجد قائما بغيره أي الطرفين ، فإنّه لا وجود ولا معنى للحرف إلا مع الطرفين.
٣ ـ ألاّ يكون لهذا المعنى الموجد تقرّر وثبوت ، فلا موطن له إلا الاستعمال فيدور وجوده وعدمه مدار بقاء الاستعمال وعدمه.
٤ ـ أن يكون المعنى مغفولا عنه وغير ملتفت إليه حين إيجاده ، إذ لا وجود له ليلتفت إليه قبل التلفّظ بالكلام ، وبعد التلفّظ يكون فانيا في الغير فلا يمكن الالتفات إليه.
وأمّا الإيجاديّة في الجملة الإنشائيّة فهي متقوّمة بأمور :
١ ـ إيجاد شيء لم يكن موجودا قبل التلفّظ ، وهو الأمر الاعتباري المسبّب عن الكلام ، كالتمليك أو الزوجيّة المسبّبين عن قوله : ( بعتك الكتاب بدرهم ) أو ( زوّجتك فلانة ).
٢ ـ أن يكون المعنى الموجد وهو الأمر الاعتباري قائما بنفسه ، فالملكيّة أو الزوجيّة لها تقرّر وثبوت بنفسهما بعد الإنشاء الكلامي.
٣ ـ أن يكون لهذا المعنى الموجد تقرّر وثبوت في عالم الاعتبار ، فلا يدور مدار الاستعمال وجودا وعدما بعد وجوده.
٤ ـ أن يكون المعنى الموجد غير مغفول عنه ، بل ملتفت إليه بعد وجوده ؛ لأنّه موجود بنحو مستقلّ في عالم الاعتبار.