__________________
٢ ـ على مسلك الأصفهاني : يقال : إنّ علّة الجزئي إمّا أن تكون فعليّة فيكون فعليّا ، وإمّا أن تكون مقدّرة الوجود ومفروضة فيكون معلّقا عليها. وعلى فرض تحقّقها ووجودها وهذا يعني أنّه قابل للتقييد ، لا بمعنى أنّ معناه يتضيّق ؛ إذ يستحيل ذلك لأنّه جزئي حقيقي ، بل بمعنى كون وجوده معلّقا على علّته.
٣ ـ على مسلك العراقي : يقال : إنّ الإطلاق والتقييد في المعنى الحرفي مستحيل بلحاظ الفرد ؛ لأنّه معنى جزئي حقيقي. وأمّا أحوال هذا الفرد فإنّه يمكن فيها التقييد والإطلاق ، فيجري الإطلاق الأحوالي والتقييد الأحوالي في المعنى الحرفي.
وهنا ثمرة أخرى غير تامّة : وهي أنّ المعنى الاسمي يمكن التمسّك بإطلاقه لإثبات كون الوجوب نفسيّا وعينيّا وتعيينيّا ومطلقا غير مشروط ، بخلاف المعنى الحرفي فإنّه لا إطلاق فيه ليتمسّك به لإثبات ذلك ؛ لأنّه جزئي يمتنع فيه الإطلاق والتقييد.
وعدم التماميّة اتّضحت ممّا سبق ؛ لأنّ الخاصّ هنا بمعنى الأخصّ لا بمعنى الجزئي الحقيقي.
نعم توجد ثمرة تامّة وهي : أنّه يوجد فرق بين قولنا : ( وجوب الصدقة معلّق على الغني ) ، وبين قولنا : ( وجوب الصدقة المعلّق على الغني ثابت ). ففي الحالة الأولى إذا شككنا أنّ التعليق لوجوب الصدق هل هو على طبيعي الغني أو على حصّة خاصّة من الغني كالغني العادل أو المؤمن مثلا؟ فهنا يمكننا التمسّك بالإطلاق وقرينة الحكمة لإثبات الطبيعي ونفي القيود المتوهّمة والمشكوكة ؛ لأنّه لم يذكرها ، ولأنّ الغني مفهوم اسمي قابل للتقييد والإطلاق.
وأمّا في الحالة الثانية فإذا شككنا في كون الوجوب معلّقا على طبيعيّ الغني أو على بعض أفراده وحصصه ، فلا يمكننا التمسّك بالإطلاق وقرينة الحكمة ، مع أنّ الغني مفهوم اسمي قابل للإطلاق والتقييد أيضا ، فما الفرق بين الموردين إذا؟
والفرق بينهما هو أنّ الجملة الأولى فيها نسبة تامّة متقوّمة بين طرفين ظاهرين في صقع الذهن بارزين هما : ( وجوب الصدقة ) و ( الغني ) ، فيمكننا التمسّك بالإطلاق لإثبات كلّي الوجوب وطبيعيّه ولإثبات كلّي الغني وطبيعيّه.
بينما الجملة الثانية فيها نسبة ناقصة ، وقد تقدّم أنّ النسبة الناقصة اندماجيّة تحليليّة ليست بارزة في صقع الذهن بين الطرفين ، وإنّما تجعل الطرفين طرفا واحدا وحصّة واحدة ، وهي هنا ( وجوب الصدقة المعلّق على الغني ) ، وهذا طرف واحد ليس فيه نسبة بين شيئين ظاهرا وليس بارزا ، وإنّما هناك حصّة خاصّة من وجوب الصدقة وهو الوجوب المعلّق على الغني.
ولذلك لا يمكننا التمسّك بقرينة الحكمة هنا ؛ لأنّه يوجد حصّة خاصّة معيّنة ولا يوجد مفهوم اسمي كلّي ، فاختلّت إحدى مقدّمات الحكمة ؛ لأنّ المتكلّم ذكر القيد والحصّة الخاصّة ولم يقتصر على ذكر المفهوم الكلّي والطبيعي.